سعر العود بالجرام: كنز عطري يتحدى الوقت

تتراوح أسعار العود بين 5 دولارات إلى 500 دولار للجرام الواحد، مما يجعله أحد أغلى المواد الطبيعية في العالم. يعود هذا التفاوت الهائل إلى عوامل معقدة تشمل ندرة الأشجار البالغة قروناً، وتفاصيل عملية الاستخراج الدقيقة، وقوة العطر التي تحددها التركيبة الكيميائية الفريدة. يشهد السوق ارتفاعاً مستمراً في الطلب، خاصة من جامعي العطور الفاخرة ومحبي التراث الثقافي العربي الذي يعتبر العود رمزاً للكرم والنخوة.

جغرافيا العود: خرائط تُحدِّد القيمة

تسيطر دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا على 80% من الإنتاج العالمي، وفقاً لتقرير منظمة التجارة العالمية 2023. تحتل عود "كَاليمانتان" الإندونيسي الصدارة بأسعار تصل إلى 320 دولاراً للجرام، بسبب كثافة الراتنج التي تصل إلى 70% في الأشجار المعمرة. بالمقابل، تُقدَّر أنواع العود الفيتنامي بأسعار أقل بنسبة 40%، لكنها تشهد إقبالاً متزايداً من مصممي العطور الأوروبيين الذين يصفونها بـ"المزيج المثالي بين الحرارة والعمق". تشير دراسة جامعة الأزهر 2022 إلى أن العود العربي التاريخي من مناطق مثل ظفار العُمانية كان يفوق قيمة الذهب بعشرين ضعفاً في القرن العاشر الميلادي. اليوم، تعيد مشاريع التشجير في السعودية والإمارات إحياء هذه السلالات النادرة، حيث تُباع شتلات عمرها ثلاث سنوات بأكثر من 2000 دولار.

علم الجودة: معادلة الرائحة واللون

يستخدم خبراء التقييم ثلاثة معايير رئيسية: كثافة الراتنج التي تُقاس بأجهزة طيف الكتلة، ولون القلب الخشبي الذي يجب أن يتراوح بين البني الغامق والأسود المائل للأرجواني، ومدة تثبيت العطر التي تصل إلى 48 ساعة في أفضل الأنواع. د. أحمد المنصوري من مركز أبحاث العطور بدبي يؤكد أن "الزيوت الأساسية في العود الجيد تحتوي على 60 مركباً عطرياً على الأقل، أهمها sesquiterpene alcohol الذي يُعتبر مؤشر جودة دولياً". تظهر تحليلات مختبرات "Givaudan" السويسرية أن العود المقلد يحتوي على أقل من 10 مركبات عطرية أساسية، مع وجود نسب عالية من المواد الحافظة مثل البارابين التي تُضعف القيمة العلاجية. لذلك تُنصح الجهات الشرائية بالاعتماد على شهادات "CITES" التي تضمن الاستدامة والأصالة.