-ابتكارات المستقبل- تقنيات ذكية تُغير مفهوم الحياة اليومية
chenxiang
1
2025-08-07 14:17:31

ما هو المصدر الأساسي لخشب العود؟
خشب العود، أحد أغلى المواد الطبيعية في العالم، يُستخرج من أشجار العود المُعمرة التي تنمو في مناطق محددة من آسيا والشرق الأوسط. تُعرف هذه المادة برائحتها الفريدة واستخداماتها في صناعة العطور والطب التقليدي. لكن كيف يتشكل هذا الكنز الطبيعي؟ الإجابة تكمن في عملية معقدة تجمع بين تفاعلات بيولوجية وكيميائية تستغرق سنوات طويلة.
التفاعل بين الشجرة والإصابة الطبيعية
تتشكل مادة العود عندما تتعرض شجرة العود (من جنس Aquilaria) لإصابة طبيعية أو اصطناعية، مثل تقطيع الفروع أو هجوم الحشرات. كرد فعل دفاعي، تفرز الشجرة مادة راتنجية غنية بمركبات عطرية لحماية أنسجتها. تتفاعل هذه الإفرازات مع نوع خاص من الفطريات (مثل Phialophora parasitica)، مما يؤدي إلى تغير لون الخشب من الأبيض إلى البني الداكن أو الأسود.
تستغرق هذه العملية بين 5 إلى 20 عامًا، وفقًا لدراسات جامعة بوغور الزراعية في إندونيسيا (2018). كلما زادت مدة التفاعل، ارتفعت جودة العود وقيمته. وتجدر الإشارة إلى أن 7% فقط من أشجار العود البرية قادرة على إنتاج الراتنج بشكل طبيعي، مما يزيد من ندرة المادة.
العوامل الجغرافية والمناخية المؤثرة
لا تنتج جميع أشجار العود راتنجًا متطابقًا. تؤثر العوامل البيئية مثل نوع التربة ودرجة الحرارة ومستوى الرطوبة بشكل مباشر على تركيبة العود العطرية. مثلاً، يُعتقد أن أشجار العود في فيتنام تنتج رائحة حلوة بسبب التربة البركانية الغنية بالمعادن، بينما يتميز العود الكمبودجي برائحة خشبية عميقة.
وفقًا لتقرير منظمة الفاو (2021)، تحتل إندونيسيا وماليزيا المرتبة الأولى في إنتاج العود عالي الجودة، بسبب توفر الظروف المثالية من أمطار استوائية وارتفاع في نسبة الرطوبة الجوية. أما في الشرق الأوسط، فقد نجحت دول مثل الإمارات في تطوير زراعة أشجار العود باستخدام تقنيات تحفيز اصطناعية للإصابات، مما يقلل من الاعتماد على المصادر البرية المهددة بالانقراض.
التركيبة الكيميائية: سر الرائحة الخالدة
تحتوي مادة العود على أكثر من 150 مركبًا كيميائيًا، أبرزها السيسكويتربين (sesquiterpenes) والأحماض الراتنجية. اكتشفت دراسة نشرت في مجلة Natural Product Communications (2020) أن مركب "أغاروفوران" هو المسؤول الرئيسي عن الرائحة الأرضية العميقة.
تختلف نسبة هذه المركبات حسب عمر الشجرة وطريقة الاستخراج. مثلاً، يُنتج العود القديم (المُخَزن لمدة 30 سنة أو أكثر) زيوتًا عطرية بتركيز أعلى بنسبة 40% مقارنة بالعود الحديث، وفقًا لتحاليل معهد أبحاث العطور في فرنسا. هذه الخصائص تجعل من العود مادة مثالية للاستخدام في الطب العربي التقليدي لعلاج التهابات الجهاز التنفسي وتحسين الوظائف المعرفية.