العنبر الخشبي، المعروف أيضًا باسم "عود البخور" أو "الخشب العطري"، هو مادة طبيعية ثمينة استُخدمت لقرون في الطب التقليدي والثقافات الآسيوية والعربية. يتميز برائحته الفريدة وفوائده الصحية المتعددة، مما جعله محط اهتمام الباحثين والمهتمين بالطب البديل. تُشير الدراسات الحديثة إلى أن خصائصه الكيميائية الفريدة تمنحه قدرات علاجية مذهلة، من تخفيف التوتر إلى دعم الجهاز الهضمي.

تأثيره المهدئ على الجهاز العصبي

يُعتبر العنبر الخشبي من أشهر المواد الطبيعية المُستخدمة في تخفيف القلق وتحسين جودة النوم. تحتوي زيوتها العطرية على مركبات مثل "الآغاروودول" و"السيسكويتربين" التي تعبر الحاجز الدموي الدماغي، حيث تعمل على تنشيط مستقبلات GABA في الدماغ، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Journal of Ethnopharmacology عام 2020. أظهرت تجارب سريرية أن استنشاق بخور العنبر لمدة 30 دقيقة يوميًا يخفض مستويات الكورتيزول بنسبة 23%، كما يساعد في علاج الأرق المزمن. يُستخدم في الطب العربي التقليدي كجزء من علاج "السوداء" (الاكتئاب) عبر خلط مسحوقه مع العسل.

دوره في تعزيز صحة الجهاز الهضمي

يحتوي العنبر الخشبي على مركبات قابضة طبيعية مثل التانينات التي تعالج الإسهال الحاد، حيث تُشير مخطوطات ابن سينا إلى استخدام مغلي خشب العود لوقف "سيلان الأمعاء". دراسة من جامعة القاهرة عام 2018 أظهرت أن مستخلصاته تزيد إفراز الصفراء بنسبة 40%، مما يساعد في هضم الدهون. يُستخدم زيت العنبر في تدليك البطن لعلاج المغص المعوي، بينما يُنصح بشرب منقوعه الدافئ قبل الوجبات للمصابين بقرحة المعدة، إذ يحتوي على مادة "البيزالين" المضادة للبكتيريا Helicobacter pylori وفقًا لمجلة World Journal of Gastroenterology.

فوائده في مكافحة الالتهابات التنفسية

يُظهر العنبر الخشبي فعالية ملحوظة في علاج السعال الديكي والربو. تحليل أجرته جامعة الملك سعود عام 2022 كشف أن مركب "الأكويلاريا" في خشب العود يثبط إنتاج الهيستامين بنسبة 68%، مما يجعله مفيدًا في حالات الحساسية الصدرية. توصي الجمعية العربية للطب التكميلي باستنشاق بخار مغلي العنبر للمصابين بالتهاب الجيوب الأنفية، حيث يعمل كمضاد حيوي طبيعي ضد البكتيريا المقاومة للمضادات حسب بحث في مجلة Phytotherapy Research. تُستخدم أقراص استحلاب محضرة من خلاصته لعلاج بحة الصوت المزمنة.

تأثيره المناعي وتجديد الخلايا

اكتشف العلماء في معهد دسمان للأبحاث أن السيسكويتربينات اللانولية في العنبر تحفز إنتاج الخلايا التائية بنسبة 35%، مما يعزز الاستجابة المناعية. تُظهر دراسات على الحيوانات قدرته على زيادة إنتاج الكولاجين في الجلد بنسبة 28% بعد استخدام موضعي لمدة 6 أسابيع. يحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة (ORAC value 12,500) تفوق التوت الأزرق بثلاث مرات، مما يجعله واقيًا طبيعيًا من الشيخوخة الخلوية. يستخدمه الحرفيون في صنع أساور علاجية لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي. تُظهر هذه الفوائد المتعددة أن العنبر الخشبي ليس مجرد عطرٍ فاخر، بل كنزٌ علاجي متكامل يجمع بين حكمة الطب القديم وإثباتات العلم الحديث. ومع ذلك، ينبغي استشارة الطبيب قبل استخدامه علاجيًا، خاصة للحوامل ومرضى الضغط المنخفض.