أصول وتاريخ العود في الحضارات القديمة

يعود استخدام العود إلى آلاف السنين، حيث ارتبط بثقافات آسيا والشرق الأوسط بشكل وثيق. تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن الحضارات القديمة في الهند والصين استعملت العود في الطقوس الدينية والعلاجية. وفقًا لدراسة أجراها مركز الأبحاث التاريخية في جامعة القاهرة، فإن تجارة العود ازدهرت في العصر الإسلامي الذهبي كجزء من طريق الحرير، مما عزز قيمته الرمزية والاقتصادية. في الثقافة العربية، احتل العود مكانةً فريدةً كرمز للرفاهية والجاه. تُظهر المخطوطات العباسية أن الخلفاء والأمراء كانوا يستخدمون دهن العود في المناسبات الرسمية، مما جعله مرتبطًا بالنخبة الحاكمة. حتى اليوم، لا تزال هذه الرمزية حية في المجتمعات الخليجية، حيث يُعتبر تقديم العود من علامات الكرم والاحتفاء بالضيف.

معايير تحديد جودة العود ودرجاته

تختلف درجات العود بشكل كبير حسب مصدره وتركيبته الكيميائية. يُصنّف الخبراء العود بناءً على ثلاثة عوامل رئيسية: كثافة الراتنج، وعمر الشجرة، ومنطقة الزراعة. على سبيل المثال، يُعتبر العود الكمبودي من الفئة الأولى وفق تصنيفات مجلس العطور الدولي، بينما تحتل الأصناف الإندونيسية مراتب متوسطة. تؤثر الظروف البيئية بشكل حاسم على الجودة. تشير أبحاث جامعة الملك عبدالعزيز إلى أن أشجار العود التي تنمو في المناطق الجبلية بجنوب شرق آسيا تنتج راتنجًا أكثر نقاءً بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة وخصوبة التربة. هذه العوامل الطبيعية تجعل أسعار الأصناف عالية الجودة تصل إلى 50 ألف دولار للكيلوغرام الواحد في السوق العالمية.

الدور الاقتصادي والاجتماعي للعود في العالم العربي

يشكل سوق العود أحد أهم قطاعات الاقتصاد غير النفطي في دول الخليج. وفق إحصاءات غرفة التجارة السعودية، بلغت قيمة الواردات من العود وزيوته 1.2 مليار دولار في 2023، مع نمو سنوي يقارب 7%. هذا النمو يعكس التحول في أنماط الاستهلاك نحو السلع الفاخرة ذات البعد الثقافي. على المستوى الاجتماعي، يلعب العود دورًا محوريًا في تعزيز الروابط المجتمعية. في دراسة ميدانية أجرتها جامعة قطر، أشار 78% من المشاركين إلى أن استخدام العود في المناسبات العائلية يُعزز قيم التواصل بين الأجيال. هذه الممارسات التقليدية تدعم استمرارية الطلب على الأصناف عالية الجودة رغم ارتفاع أسعارها.