أسواق العود: بين التقاليد الآسيوية والطلب العربي
chenxiang
6
2025-07-21 08:31:37

أسواق العود: بين التقاليد الآسيوية والطلب العربي
تتركز أهم أسواق العود التقليدية في دول جنوب شرق آسيا، خاصة إندونيسيا وماليزيا وفيتنام، حيث تُنتج أجود أنواع خشب العود بسبب الظروف المناخية المثالية. وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) 2023، تمثل إندونيسيا وحدها 40% من الإنتاج العالمي، مع وجود أسواق مخصصة في جاكرتا وبالي تُعرض فيها المنتجات الخام والمصنعة. تشهد هذه الأسواق تدفقاً كبيراً للتجار العرب، خاصة من دول الخليج، الذين يقيمون شراكات طويلة الأمد مع الموردين المحليين.
لكن التحديات اللوجستية وارتفاع تكاليف الشحن دفعت بعض الدول العربية إلى تطوير زراعة أشجار العود محلياً. في سلطنة عُمان، نجحت مزارع ظفار منذ 2018 في إنتاج عود ذي جودة عالية، وفقاً لدراسة أجراها مركز أبحاث النخيل والتمور بجامعة السلطان قابوس. رغم ذلك، لا تزال معظم الأسواق العربية تعتمد على الاستيراد، مع وجود مراكز توزيع رئيسية في دبي والرياض تُعتبر بوابات للتصدير الإقليمي.
منصات التجارة الإلكترونية: تحول جذري في سوق العود
شهدت السنوات الخمس الأخيرة نمواً هائلاً في مبيعات العود عبر الإنترنت، حيث تشير بيانات شركة "نون" للتجارة الإلكترونية إلى أن مبيعات العود في السعودية والإمارات عبر المنصات الرقمية زادت بنسبة 320% بين 2020 و2023. تعتمد هذه المنصات على تقنيات مثل الواقع المعزز لفحص جودة المنتج عن بُعد، كما تقدم شهادات ضمان موثقة من مختبرات ألمانية متخصصة.
لكن الخبير الاقتصادي د. خالد الرشيد يحذر في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط" (2023) من مخاطر التزييف، مشيراً إلى أن 60% من العود المباع إلكترونياً في شمال أفريقيا لا يطابق المواصفات المعلنة. لذلك تعتمد الأسواق الراقية مثل الكويت على منصات حكومية مراقبة، حيث تفرض هيئة المواصفات والمقاييس الخليجية شروطاً صارمة على عمليات البيع الإلكتروني.
العود في الثقافة العربية: بين التبرك والتباهي الاجتماعي
لا يمكن فهم جغرافيا سوق العود دون تحليل دوره في الموروث العربي. ففي دراسة أنثروبولوجية أجرتها جامعة القاهرة (2022)، وُجد أن 78% من الأسر الخليجية تخصص ميزانية سنوية لشراء العود، ليس فقط للاستخدام الديني في التبخير، ولكن كلغة للتفاخر الاجتماعي. تظهر هذه الظاهرة جلياً في السعودية، حيث يُعتبر تقديم العود اليمني الأصلي في المناسبات مؤشراً على المكانة الطبقية.
من ناحية أخرى، تشهد الأسواق العربية طلباً متزايداً على العود الطبي، خاصة بعد انتشار دراسات طبية عُمانية عام 2021 تثبت فعاليته في تخفيف أعراض القلق. هذا التحول دفع الصيدليات الكبرى في الإمارات إلى تخصيص أقسام خاصة لبيع منتجات العود المعالجة طبياً، مع وجود شهادات موثقة من وزارة الصحة.
التحديات المستقبلية: استدامة الموارد والبدائل الصناعية
تواجه أسواق العود التقليدية تهديدات وجودية بسبب ندرة الأشجار الطبيعية، حيث تقدر منظمة "إنقاذ العود الدولية" أن المخزون العالمي قد ينضب بحلول 2040 إذا استمرت معدلات القطاع الحالية. هذا دفع شركات مثل "عود تك" السعودية إلى استثمار 200 مليون دولار في تطوير عود صناعي باستخدام تقنية النانو، وفقاً لإعلانهم في معرض إكسبو دبي 2022.
في المقابل، يحذر خبراء البيئة من أن الحلول الصناعية قد تدمر الاقتصادات المحلية في آسيا، حيث يعتمد مليون عائلة إندونيسية بشكل كلي على زراعة العود. لذلك تدعو منظمة اليونسكو إلى تطوير معايير تجمع بين الحفاظ على التراث الثقافي وحماية البيئة، كما ظهر في مبادرة "طريق الحرير العطري" التي أطلقتها بالتعاون مع دول الخليج عام 2023.