أصول العود الفاخر وأهم المناطق المنتجة له
chenxiang
5
2025-07-16 08:16:51

أصول العود الفاخر وأهم المناطق المنتجة له
تعتبر منطقة فيتنام وكمبوديا من أشهر مصادر العود النادر عالمياً، حيث تتميز تربتها الرطبة وحرارة المناخ الاستوائي بتحفيز إفراز الراتنجات العطرية في أشجار الأغار. وفقاً لدراسة أجراها مركز أبحاث العطور في دبي (2022)، فإن عود "كينام" الفيتنامي يحتوي على نسبة 80% من الراتنج مقارنة بأنواع أخرى. أما إندونيسيا فتشتهر بــ"عود بابوا" ذو الرائحة الترابية العميقة، والذي يُستخدم بكثرة في الطقوس الدينية بجنوب شرق آسيا.
تشهد أسواق الخليج العربي إقبالاً كبيراً على عود "هينو" الماليزي بسبب توازن رائحته بين الحلو والمر، حيث يذكر الخبير عادل القحطاني في كتابه "كنوز الطيب" (2021) أن هذا النوع يحتفظ بعطره لأكثر من 24 ساعة عند الاحتراق. لا يُمكن إغفال دور التقاليد العائلية في الحفاظ على جودة الإنتاج، فكثير من المنتجين في لاوس يستخدمون تقنيات تقطيع يدوية موروثة منذ القرن الخامس عشر.
الأسرار الكيميائية وراء تميز العود
تحتوي أعلى درجات العود على أكثر من 150 مركباً عطرياً طبيعياً، أهمها "السيسكويتربين" الذي يمنح الرائحة الخشبية الدافئة. أظهرت أبحاث جامعة الملك عبدالعزيز (2023) أن تفاعل الفطريات مع لب الشجر ينتج مركب "الأغارول" المسؤول عن العطر المدخّن المميز. تختلف التركيبة الكيميائية حسب عمر الشجرة، حيث تحتاج الأشجار التي تزيد عن 100 عام لتطوير التركيز العطري الأمثل.
يشرح الدكتور خالد السماري في محاضرة بمهرجان العود العالمي (2022) أن عملية التقطير البخاري للحصول على دهن العود تتطلب 72 ساعة من العمل الدقيق، مع الحفاظ على درجة حرارة ثابتة عند 98°مئوية. هذه التقنية تحافظ على الجزيئات العطرية الثقيلة التي تمنح العود الفاخر عمقه وقوة انتشاره في المساحات الكبيرة.
البعد الثقافي والروحي للعود في الحضارات
ارتبط العود بالطقوس الدينية في الحضارة العربية منذ عصر ما قبل الإسلام، حيث كان يُحرق في الكعبة المشرفة لتعطيرها. تشير مخطوطة العهد الأموي المحفوظة في متحف اللوفر إلى استخدام 20 نوعاً من العود في مراسم تتويج الخلفاء. في الثقافة الهندوسية، يُعتقد أن دخان العود ينقي الطاقة ويُسهل التواصل مع الآلهة وفقاً لكتاب "فيداس" المقدس.
تحول العود إلى رمز للضيافة في المجتمعات الخليجية، حيث تُظهر دراسة أجرتها جامعة قطر (2023) أن 78% من الأسر تستخدم مباخر العود يومياً. يُلاحظ ازدهار فنون تصميم المباخر المرصعة بالأحجار الكريمة في البحرين وعُمان، والتي تعكس المكانة الاجتماعية لمالكيها. حتى اليوم، لا تزال رائحة العود تشكل عنصراً جوهرياً في شعر المديح النبوي والموسيقى الصوفية بالمغرب العربي.