سوق العود في السعودية: مزيج من التقاليد والاقتصاد

تعتبر المملكة العربية السعودية أحد أكبر أسواق العود العالمية بفضل موقعها الجغرافي وتقاليدها الثقافية العميقة. تشير تقديرات حديثة إلى أن حجم الإنفاق السنوي على العود ومنتجاته يتجاوز 1.2 مليار ريال سعودي، مع نمو متوقع بنسبة 6% سنويًا حتى 2030. يرتبط هذا النمو بالزيادة في الطلب خلال المناسبات الدينية والاجتماعية، حيث يُعدّ العود رمزًا للكرم والرفاهية. وتلعب العوامل الدينية دورًا محوريًا في ازدهار السوق، إذ يُستخدم البخور والعطور الفاخرة في البيوت والحرمين الشريفين بشكل يومي. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة الملك سعود، فإن 78% من الأسر السعودية تشتري منتجات العود بانتظام، مع تفضيل واضح للأنواع عالية الجودة من كمبوديا وإندونيسيا.

التحديات التنظيمية وضمان الجودة

يواجه الس تحديات كبيرة في مجال التقييس والجودة، حيث تشير تقارير الهيئة السعودية للغذاء والدواء إلى أن 35% من العينات المفحوصة خلال 2023 كانت مغشوشة أو مخالفة للمواصفات. أدى هذا إلى تشديد الرقابة على الواردات مع تطبيق نظام التتبع الإلكتروني للشحنات منذ يناير 2024. من ناحية أخرى، تعمل الحكومة على دعم المشترين عبر مبادرات مثل "العود الأصلي" التي توفر شهادات ضمان معتمدة. كما أطلقت غرفة الرياض برنامج تدريبي خاص بتجار العود لتعزيز المعرفة بخصائص الأخشاب العطرية وطرق الكشف عن الغش.

التأثيرات البيئية والاستدامة

أصبحت قضايا الاستدامة محورًا مهمًا في صناعة العود، خاصة مع تناقص أشجار الـ"أكويلاريا" الطبيعية بنسبة 70% خلال العقدين الماضيين حسب بيانات منظمة الفاو. تتبنى المملكة سياسات تشجع الاستزراع الصناعي للأشجار العطرية، حيث تم إنشاء أول مزرعة تجريبية في عسير عام 2022 بالتعاون مع خبراء ماليزيين. وتظهر اتجاهات جديدة في السوق نحو المنتجات الاصطناعية عالية التقنية، التي تحاكي رائحة العود الطبيعي بتكلفة أقل بنسبة 40%. رغم ذلك، يؤكد خبراء مثل د. خالد الحميد من مركز أبحاث النخيل أن الطلب على الأنواع التقليدية سيظل مهيمنًا بسبب القيمة الرمزية المرتبطة بالأصالة.

التحولات الرقمية في تجارة العود

شهد القطاع طفرة في المبيعات الإلكترونية حيث ارتفعت حصة المتاجر الافتراضية من 12% إلى 28% من إجمالي المبيعات خلال جائحة كوفيد-19. أطلقت منصة "عودتي" الرائدة نظام الواقع المعزز الذي يسمح للمشتري باختبار الرائحة افتراضيًا قبل الشراء. لكن التحديات التقنية لا تزال قائمة، خاصة في مجال الشحن الدولي للمواد العطرية الحساسة. تعمل شركات لوجستية سعودية بالشراكة مع جامعات محلية على تطوير عبوات ذكية تحافظ على جودة المنتج خلال النقل، باستخدام تقنيات التحكم بالمناخ مستوحاة من طرق حفظ التمور التقليدية.