تاريخ العود العربي وأصوله الثقافية
chenxiang
4
2025-07-14 07:07:36

تاريخ العود العربي وأصوله الثقافية
يعود استخدام العود العربي (الُّود) إلى آلاف السنين، حيث ارتبط بالحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين. تشير النقوش الأثرية والمخطوطات التاريخية إلى أن العود كان يُستعمل في الطقوس الدينية والعلاجية منذ عهد السومريين. كما ذكره المؤرخون العرب مثل ابن سينا في كتاب "القانون في الطب" كعنصر أساسي في تركيبات الأدوية.
ارتبط العود أيضًا بالتراث الروحي للإسلام، حيث يُذكر في بعض الأحاديث النبوية كرائحة محببة. لم يكن مجرد عطرٍ فاخر، بل رمزًا لل地位 الاجتماعية والروحانية. تظهر الدراسات الأنثروبولوجية أن قبائل العرب كانت تتباهى بجودة عودها في الأسواق الموسمية مثل سوق عكاظ، مما عزز مكانته كسلعة ثقافية متجذرة.
العوامل البيئية المؤثرة في جودة العود
تعتبر شجرة العود (آكويلاريا) نادرة الوجود، حيث تحتاج إلى ظروف مناخية خاصة تتركز في جنوب شرق آسيا واليمن وعُمان. تكمن المفارقة في أن أفضل أنواع العود العربي يُستخرج من أشجارٍ لم تُزرع في المنطقة العربية، بل تُستورد أخشابها الخام ثم تُعالج محليًا.
تؤثر عوامل مثل الرطوبة ودرجة الحرارة ونوع التربة بشكل جوهري في تركيز الزيوت العطرية. أظهرت دراسة أجرتها جامعة الملك عبدالعزيز عام 2020 أن معالجة الخشب في المناطق الجبلية المرتفعة يزيد من نسبة "الدهن" – الزيت العطري – بنسبة 40% مقارنة بالمعالجة في السواحل. هذه الخصوصية الجغرافية تفسّر تفاوت أسعار العود الذي قد يتجاوز ثمن الغرام الواحد 500 دولار.
التقنيات التقليدية في استخلاص العود
تحافظ الحرفيون العرب على طرق تقليدية في استخراج العود تعود إلى قرون. تبدأ العملية بتقطيع الأخشاب المصابة بفطريات طبيعية تنتج راتينج العطر، ثم تُنقع في الماء المالح لمدة تصل إلى ستة أشهر. تليها مرحلة التقطير البخاري التي تحتاج إلى خبرة دقيقة في التحكم بدرجات الحرارة.
تختلف هذه التقنيات عن الأساليب الصناعية الحديثة التي تستخدم المذيبات الكيميائية. يؤكد الدكتور خالد الحميدي، أستاذ الكيمياء العضوية، أن الطرق التقليدية تحافظ على 70% من المركبات العطرية المعقدة مقابل 30% فقط في الإنتاج الصناعي. هذا التمايز يجعل العود العربي سلعة فريدة في سوق العطور العالمية.
الدور الاقتصادي للعود في المنطقة العربية
يشكل العود العربي أحد أهم عناصر التجارة البينية بين دول الخليج وجنوب آسيا. تشير بيانات غرفة تجارة دبي إلى أن سوق العطور الفاخرة القائمة على العود نمت بنسبة 18% سنويًا منذ 2015، متجاوزة معدلات نمو قطاعات الرفاهية الأخرى.
لا يقتصر الأمر على التجارة المباشرة، بل يمتد إلى صناعات فرعية مثل الأدوات المرتبطة بالعود (المباخر، القوارير الزجاجية) والتي تساهم ب 23% من إيرادات الحرف اليدوية في المنطقة. كما أصبح العود عامل جذب سياحي، حيث تُنظم مهرجانات سنوية في أبوظبي والرياض تعرض تاريخه وفنون استخدامه.