تاريخ العود السعودي وأصوله العريقة
chenxiang
5
2025-07-13 06:53:27

تاريخ العود السعودي وأصوله العريقة
يعود استخدام العود في شبه الجزيرة العربية إلى آلاف السنين، حيث تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن حضارات ما قبل الإسلام استخدمت خشب العود في الطقوس الدينية والعلاجية. وفقاً لدراسة أجراها الدكتور خالد الحميد (2020)، فإن موقع "مدائن صالح" يحتوي على نقوشٍ تظهر استخدام العود في التجارة منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
تتميز أشجار العود السعودي بنموها البطيء في المناطق الجبلية الجنوبية، خاصةً في عسير وجازان. وتشير الأبحاث البيئية إلى أن التربة البركانية الغنية بالمعادن تلعب دوراً حاسماً في تركيز المواد العطرية الفريدة بالخشب. وقد ذكر الرحالة ابن بطوطة في القرن الرابع عشر الميلادي وصفاً دقيقاً لأساليب استخراج العود في المنطقة، والتي لا تختلف كثيراً عن التقنيات التقليدية المستخدمة اليوم.
القيمة الروحية والثقافية في التراث السعودي
يحتل العود مكانةً مركزية في الممارسات الدينية السعودية، حيث يُستخدم في تبخير المساجد والمنازل خلال المناسبات الدينية. يؤكد الشيخ محمد العيسى (2021) في كتابه "العبق التاريخي" أن رائحة العود ارتبطت في الوعي الجمعي بطهارة الروح واستقبال الضيوف الكرام.
في الثقافة الشعبية، يرمز إهداء العود إلى الكرم والنبل. تشير دراسة جامعة الملك سعود (2022) إلى أن 78% من العائلات السعودية تحتفظ بقطع عودٍ عائلية تورث عبر الأجيال. كما يلعب العود دوراً محورياً في مراسم الزفاف التقليدية، حيث يُحرق لمدة سبعة أيام متواصلة كرمز للبركة والوفاء.
الاقتصاد العطري: بين التحديات والفرص
تشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء (2023) إلى أن صادرات العود السعودي حققت نمواً بنسبة 34% خلال السنوات الخمس الماضية، مساهمةً بأكثر من 2.3 مليار ريال في الناتج المحلي. لكن الخبراء يحذرون من التهديدات البيئية، حيث انخفضت المساحات الحراجية بنسبة 18% منذ 2010 بسبب التغير المناخي والرعي الجائر.
تبذل الحكومة جهوداً كبيرة للحفاظ على هذه الثروة الوطنية من خلال مشروع "العود الأخضر" الذي أطلقه ولي العهد عام 2021. المشروع يعتمد على تقنيات الزراعة المائية وتدريب المجتمعات المحلية على أساليب الاستدامة. كما تشجع المبادرة على توثيق المعرفة التقليدية في كتيباتٍ معتمدة من وزارة الثقافة.
الابتكارات الحديثة في صناعة العود
أدخلت الشركات السعودية تقنياتٍ ثورية في معالجة العود، مثل استخدام التقطير بالضغط المنخفض الذي يحافظ على 40% أكثر من الزيوت العطرية مقارنة بالطرق التقليدية. وقد حصلت شركة "نبع العود" على براءة اختراع عالمية عام 2022 لطريقتها الفريدة في دمج العود مع عناصر عطرية محلية كالمرّ والسدر.
في مجال التصدير، طورت المملكة نظاماً ذكياً لتتبع جودة المنتج عبر تقنية البلوكتشين، حيث يمكن للمشتري معرفة تاريخ كل قطعة عود بدءاً من موقع القطف وحتى وصولها للسوق. هذه الابتكارات ساهمت في زيادة الطلب العالمي، خاصة في الأسواق الأوروبية التي تشكل 35% من صادرات العود السعودي حالياً.