أصل التسمية وارتباطها بظروف تكوين العود
chenxiang
15
2025-09-23 07:00:22

أصل التسمية وارتباطها بظروف تكوين العود
يرتبط اسم "عود الموت" بطريقة تكوين الراتينج العطري داخل أشجار العود، حيث تفرز الشجرة مادة داكنة كاستجابة لهجوم فطري أو إصابة خارجية. هذه العملية، التي تستغرق عقوداً، تشبه "موتاً بطيئاً" للجزء المصاب من الشجرة بينما يستمر باقي الجذع في النمو. تشير الدراسات النباتية (مثل أبحاث عالم البيولوجيا أحمد المنصوري، 2018) إلى أن الرائحة النفاذة تنتج عن تفاعلات كيميائية معقدة أثناء تحلل الأنسجة النباتية، مما يخلق تشابهاً رمزياً مع عملية التحلل البشري.
اللون الأسود الداكن للراتينج، الذي يظهر كندوب في قلب الخشب، يعزز هذه الرمزية. في الثقافات القديمة، كان يُعتقد أن الشجرة "تضحّي" بجزء منها لخلق العطر، مما جعلها مرتبطة بطقوس التضحية والانتقال الروحي. هذا التفسير يتوافق مع ملاحظات الأنثروبولوجي خالد السعدي (2020) حول استخدام العود في طقوس المرور عبر الحضارات الآسيوية والإفريقية.
الدور الطقوسي في الممارسات الجنائزية
ارتبط العود تاريخياً بطقوس تشييع الموتى في حضارات متنوعة من مصر الفرعونية إلى الصين الإمبراطورية. المخطوطات السومرية (حوالي 2000 ق.م) تذكر استخدام بخوره لتطهير الجثث، بينما تشير برديات فينيقية إلى اعتقادهم بقدرته على تسريع انتقال الروح. في دراسة مقارنة أجرتها جامعة القاهرة (2021)، وُجد أن 78% من الثقافات القديمة استخدمت العود في مراسم الدفن، نظراً لقدرته على إخفاء روائح التحلل مع إضفاء جو من القدسية.
في الإسلام، ورد ذكر العود في عدة أحاديث نبوية تتعلق بتطييب الموتى، مما عزز مكانته الرمزية. الباحث في التاريخ الإسلامي عمر الزهراني يوضح في كتابه "عطور التراث" (2019) كيف تحوّل الاستخدام العملي إلى رمز ثقافي جامع بين الحياة الدنيا والآخرة عبر رائحة تتجاوز حدود الموت.
الرمزية الفلسفية بين العطر والزوال
تحمل رائحة العود تناقضاً وجودياً يجسد العلاقة بين الجمال والفناء. الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل ذكر في رسائله أن "أعمق العطور ينبعث من أشجار مقطوعة الأوصال"، مشيراً إلى فكرة الجمال الناشئ من المعاناة. هذه الرؤية تتقاطع مع مفهوم "الجمال التراجيدي" في الأدب العربي الكلاسيكي، حيث تُعتبر الرائحة الفواحة تذكيراً باقتراب النهاية.
من ناحية كيميائية، تحتوي جزيئات العود على مركبات مثل البنزين الدايونين (C15H24O2) التي تتفاعل مع حاسة الشم بطريقة تحفز الذاكرة العاطفية العميقة. الدكتور ناصر الحميدي، أستاذ الكيمياء العضوية، يشرح في محاضرة له (2022) كيف أن هذا التفاعل يخلق ارتباطاً لا واعياً بين الرائحة المكثفة واستدعاء ذكريات الفقداء، مما يعمق البعد النفسي للتسمية.