تاريخ العود البخور ودوره في الحضارات القديمة
chenxiang
4
2025-08-20 09:36:39

تاريخ العود البخور ودوره في الحضارات القديمة
يعود استخدام العود البخور إلى آلاف السنين، حيث ارتبط بثقافات الشرق الأوسط وآسيا. تشير الاكتشافات الأثرية في مملكة سبأ إلى استخدام البخور في الطقوس الدينية والتجارة منذ القرن الخامس قبل الميلاد. كما ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس أن تجارة العود كانت أحد أركان الاقتصاد في شبه الجزيرة العربية. في الصين القديمة، كان يُعتبر العود رمزًا للطبقة الأرستقراطية، حيث استخدمه الأباطرة في طقوس التوازن الروحي وفقًا لفلسفة "التاوايزم".
أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة القاهرة عام 2020 أن رواسب العود في مواقع تاريخية بسلطنة عُمان تعود إلى العصر الحديدي، مما يؤكد عمق الجذور الثقافية لهذه المادة. يشير الدكتور خالد العبري، أستاذ التاريخ الإسلامي، إلى أن الرحالة ابن بطوطة وصف استخدام العود في المجالس السلطانية بماليزيا خلال القرن الرابع عشر، مما يظهر انتشاره عبر القارات.
الفوائد الصحية لاستنشاق عبق العود
أثبت العلم الحديث فوائد عديدة لاستنشاق بخور العود، حيث يحتوي على مركبات مثل "السيسكويتربين" التي تحفز مستقبلات الشم العصبية. وفقًا لبحث نُشر في مجلة الطب التكميلي عام 2021، فإن استنشاق العود لمدة 15 دقيقة يوميًا يخفض مستويات الكورتيزول بنسبة 23%، مما يفسر شعور الاسترخاء المصاحب لاستخدامه.
في الطب العربي القديم، أوصى ابن سينا في كتابه "القانون" باستخدام العود لعلاج الصداع النصفي وتحسين التركيز. تجارب معملية حديثة بجامعة الملك عبدالعزيز أظهرت أن الدخان المنبعث من العود يحتوي على مضادات أكسدة تقاوم الجذور الحرة بنسبة تفوق الزيوت العطرية الأخرى بـ 40%.
العود في الممارسات الروحية والدينية
يحتل العود مكانة خاصة في العبادات عبر الأديان، حيث يُستخدم في الكنائس القبطية أثناء طقوس التقديس. في الثقافة الإسلامية، يُستحب التبخر بالعود قبل الصلاة كما ورد في حديث شريف: "نِعْمَ الْجَمَارُ الْعُودُ". علماء التصوف مثل ابن عربي أشادوا بدور رائحة العود في تعميق حالة الخشوع خلال الذكر.
الدراسات الأنثروبولوجية تظهر تشابهًا لافتًا في استخدامات العود بين الطاوية والهندوسية، حيث يعتبر وسيلة لتنقية الطاقة وفقًا لمبدأ "الفينج شوي" الآسيوي. في الهند، يُحرق العود مع خشب الصندل في معبد تيروباتي خلال مراسم "آراتي" اليومية لتحقيق التوازن بين العناصر الخمسة.
صناعة العود: بين الحرفية والتقنية الحديثة
تتطلب صناعة العود الفاخر خبرة حرفية توارثتها الأجيال، حيث تستغرق عملية استخراج الراتنج من أشجار "الأكويلاريا" ما بين 50-100 سنة. الحرفي العُماني محمد الزكواني يشرح أن درجة الجودة تتحدد بعدد سنوات التبلور داخل الشجرة، حيث يُصنف "الكنبودي الأسود" كأغلى الأنواع لاحتوائه على 80% راتنج.
أدخلت ماليزيا تقنيات التقطير بالبخار عام 2018 لاستخراج الزيوت الأساسية دون إتلاف المادة الخام. معهد الأبحاث العُماني طور مؤخرًا جهاز استشعار يحلل نسبة المركبات العطرية خلال عملية الحرق، مما يسهم في ضمان الجودة وفق المعايير الدولية ISO 8901-2022 للمواد العطرية الطبيعية.