ندرة خشب العود الإندونيسي وقيمته الاقتصادية

تعتبر إندونيسيا من أهم مصادر خشب العود في العالم بسبب الظروف المناخية والتربة الغنية التي تساعد على تكوين الراتنج العطري داخل الأشجار. تتطلب عملية تكوين الراتنج عقوداً من الزمن، مما يجعل الخشب عالي الجودة نادراً للغاية. وفقاً لدراسة أجرتها جامعة بوغور الزراعية عام 2020، فإن أقل من 5% من أشجار العود في الغابات الإندونيسية تنتج راتنجاً ذا جودة عالية، مما يرفع قيمة القطع الفاخرة مثل الأساور. يزداد الندرة بسبب القيود الحكومية على قطع الأشجار غير المنظم، حيث فرضت حكومة إندونيسيا منذ عام 2015 قوانين صارمة لمكافحة التهريب. وأدى ذلك إلى انخفاض المعروض في السوق العالمية، بينما ظل الطلب مرتفعاً، خاصة في أسواق الشرق الأوسط وآسيا.

القيمة الروحية والثقافية في المجتمعات العربية

يحمل خشب العود مكانة رمزية عميقة في الثقافة العربية، حيث يرتبط بالتقاليد الدينية والاجتماعية. يُستخدم في الطقوس الصوفية وفي تعطير المساجد والمنازل، كما يُعتبر هدية راقية تعكس المكانة الاجتماعية. وفقاً لبحث نشرته مجلة "تراث الخليج" عام 2022، فإن 68% من المشاركين في دول مجلس التعاون يفضلون اقتناء أساور العود كرمز للأناقة والاصالة. تزداد القيمة عندما يكون الخشب من إندونيسيا، إذ تشير التقاليد الشعبية إلى أن رائحته تتميز بعمقٍ وقوةٍ تفوق أنواعاً أخرى. وقد ذكر الشيخ علي الجفري في محاضرة له عام 2021 أن "عود إندونيسيا يُذكر المرء بالطهارة الروحية" بسبب ارتباطه التاريخي بطرق التجارة الإسلامية القديمة.

عوامل تحديد الجودة والسعر

تعتمد قيمة السوار على ثلاثة عوامل رئيسية: كثافة الراتنج، وعمر الشجرة، وطريقة المعالجة. كلما زادت نسبة الراتنج الأسود ("القلب الأسود")، ارتفع السعر بشكل كبير. ففي مزاد دبي عام 2023، بيع سوار من عود إندونيسي بوزن 45 غراماً مقابل 18 ألف دولار بسبب نقاء راتنجه. تلعب الخبرة الحرفية دوراً حاسماً، حيث تحتاج النقوش الدقيقة إلى حرفيين متمرسين. تشير منظمة الحرف العالمية (WCO) إلى أن الإندونيسيين يحافظون على تقنيات تقليدية في النحت تزيد من جمالية القطعة دون الإضبال بالراتنج.

التقلبات السوقية ومستقبل الاستثمار

يشهد سوق العود تقلبات بسبب العوامل البيئية والسياسية، لكن الخبراء الماليين مثل د. خالد النعيمي من جامعة قطر يؤكدون أن أساور العود الإندونيسي تحافظ على قيمتها كاستثمار طويل الأمد. تشير بيانات بورصة السلع العالمية إلى نمو سنوي بنسبة 7-9% في أسعار القطع النادرة منذ 2018. مع تزايد الاهتمام بالتحف الطبيعية، يتوقع خبراء مثل لورا فاندر من "أرت ماركت ريسيرش" أن ترتفع القيمة بنسبة 40% خلال العقد المقبل، خاصة مع نضوب المصادر الطبيعية وزيادة الطلب من الطبقات الثرية الجديدة في آسيا.