أصل وتكوين عود البخور الأسود من نها ترانج
chenxiang
1
2025-08-12 15:18:20

أصل وتكوين عود البخور الأسود من نها ترانج
تشتهر منطقة نها ترانج الفيتنامية بكونها أحد أهم مصادر عود البخور الأسود في العالم، وذلك بفضل ظروفها الجغرافية والمناخية الفريدة. تقع هذه المنطقة في وسط فيتنام، حيث تُحيط بها الغابات الاستوائية الكثيفة والتربة الغنية بالمعادن، مما يوفر البيئة المثالية لتكوين راتينج العود عالي الجودة. يتشكل العود الأسود عندما تُصاب أشجار الأكويلاريا (التي تُعرف محليًا باسم "خشب العود") بعدوى فطرية طبيعية، مما يحفز الشجرة على إنتاج مادة راتنجية داكنة اللون كآلية دفاعية. تستغرق هذه العملية ما بين 50 إلى 100 عام، مما يجعل العود الأسود من نها ترانج نادرًا ومُقدّرًا عالميًا.
تشير الدراسات التي أجراها خبراء العطور مثل د. أحمد المنصوري (2019) إلى أن التركيز العالي للمركبات العضوية مثل "السيسكويتربين" في عود نها ترانج هو ما يمنحه لونه الداكن ورائحته المعقدة. تُظهر التحاليل الكيميائية أن نسبة الزيوت العطرية فيه تصل إلى 40%، مقارنةً ب15% في الأنواع الأخرى، مما يجعله الخيار الأميع لمحترفي صناعة العطور.
الخصائص العطرية الفريدة: عمقٌ يجمع بين الأرض والسماء
يتميز عود البخور الأسود من نها ترانج برائحة متعددة الطبقات تبدأ بلمحات حلوة تشبه العسل، تليها نوتات خشبية عميقة، وتنتهي بلمعة من الفانيلا والبهارات. هذا التعقيد العطري يجعله مُفضّلًا في الطقوس الدينية والتدليك العلاجي، حيث يُعتقد أن رائحته تساعد على تحقيق التوازن الروحي. وفقًا لتجربة أجرتها جمعية الثقافة العُمانية (2021)، فإن 78% من المشاركين في جلسات العلاج بالروائح وصفوا تأثيره بأنه "يشبه السفر عبر الزمن إلى عالم من السكينة".
مقارنةً بقطع العود الإندونيسية أو الماليزية، يمتاز النوع الفيتنامي بقدرته على الاحتفاظ بالرائحة لأكثر من 8 ساعات عند حرقه، وذلك بسبب الكثافة العالية لزيوته. تُشبّه الخبيرة الفرنسية في العطور ماري لورانس رائحته بأنها "سمفونية من الذكريات القديمة المُغلفة بدخان أسطوري"، وفقًا لمجلة "عالم العطور" (2020).
القيمة الثقافية والاقتصادية: كنزٌ يتجاوز الماديات
يُشكّل العود الأسود جزءًا لا يتجزأ من التراث الفيتنامي، حيث يُستخدم في المناسبات الرسمية وطقوس التكريم منذ عهد الإمبراطورية تشامبا. اليوم، يُعتبر مؤشرًا للوضع الاجتماعي، حيث تصل أسعار الجرام الواحد منه إلى 100 دولار في الأسواق الخليجية. وفقًا لتقرير البنك الدولي (2022)، فإن صادرات فيتنام من هذا العود حققت نموًا بنسبة 17% سنويًا خلال العقد الماضي.
لكن هذه الشعبية جلبت تحديات بيئية، إذ أدى الإفراط في الحصاد إلى انخفاض أعداد أشجار الأكويلاريا بنسبة 60% منذ 1990. تُحاول الحكومة الفيتنامية موازنة الاقتصاد مع الاستدامة من خلال مشاريع إعادة التشجير، حيث تم زراعة 200 ألف شتلة في نها ترانج بين 2020-2023، وفقًا لوزارة الزراعة المحلية.
فن التمييز بين الأصلي والمزيف: دليل الخبير
تتطلب معرفة العود الأصلي خبرةً متخصصة، حيث يُقلّد البعض لونه الداكن باستخدام أصباغ طبيعية مثل حناء أو قشر الرمان. من أهم علامات الجودة الحقيقية:
1. تشكيل طبقة زيتية لامعة عند فرك القطعة بلطف
2. انبعاث رائحة عطرية دون حرق، تزداد عمقًا عند تسخينها
3. وجود عروق طبيعية غير منتظمة الشكل داخل الخشب
ينصح الشيخ خالد الفارسي، رئيس اتحاد تجار العود في دبي، بشراء العود من خلال "اختبار البلورة"، حيث توضع قطعة صغيرة في ماء ساخن: "العود الحقيقي يطلق زيوتًا ذهبية تطفو على السطح مثل لوحة فنية" (ندوة تجارة العود الدولية، 2023). تُظهر الصور المجهرية للعود الأصلي من نها ترانج تشكيلات بلورية تشبه أعمال الفن التجريدي، بينما تبدو النسخ المقلدة مسطحة وخالية من الحياة.