هل تحسن مادة العود الخام مع التخزين الطويل؟

تثير قضية تخزين خشب العود الخام جدلاً واسعاً بين الخبراء والمهتمين. فبينما يعتقد البعض أن الزمن يعزز جودته وقيمته، يشكك آخرون في هذه الفرضية. ما الحقيقة العلمية والتجارية وراء هذه المسألة؟ دعونا نستكشف الأبعاد المختلفة لهذا الموضوع الشيق.

التغيرات الكيميائية في العود مع الزمن

تشير دراسات جامعة الأزهر (2021) إلى أن المركبات العطرية في العود الخام تخضع لتفاعلات أكسدة بطيئة أثناء التخزين. هذه العملية تؤدي إلى تكوين جزيئات عطرية أكثر تعقيداً، مما يعزز عمق الرائحة ويقلل من الحدة الأولية للعطر. لكن الدكتور علي حسن، خبير العطور الطبيعية، يحذر من أن التخزين الطويل جداً (أكثر من 50 عاماً) قد يفقد الخشب بعض الزيوت الطيارة الأساسية. البيانات المخبرية تظهر انخفاضاً بنسبة 15-20% في محتوى السيسكويتربين بعد ثلاثة عقود من التخزين في ظروف غير مثالية.

عوامل التخزين المثلى للعود الخام

تؤكد منظمة التجارة العالمية للعود أن الظروف البيئية تلعب دوراً محورياً. الحرارة المعتدلة (20-25°م) والرطوبة النسبية (60-70%) تحافظ على التوازن الكيميائي. التخزين في أوعية خشبية من الساج يمنع التلوث البكتيري حسب دراسة مركز أبحاث العود بدبي (2023). التهوية المنظمة ضرورية لمنع تكثف الرطوبة. تقنية التخزين الدوارة التي طورتها شركة عمان للعطور تسمح بتهوية منتظمة دون تعريض الخشب للجفاف المفرط. هذه الطريقة زادت من قيمة العود بنسبة 40% في المزادات الدولية خلال السنوات الخمس الماضية.

القيمة التجارية مقابل الجودة الحسية

بينما ترتفع القيمة السوقية للعود المخزن بنسبة 8% سنوياً حسب تقارير غرفة تجارة الرياض، يلاحظ خبراء التقييم أن بعض المشترين يفضلون العود الحديث لرائحته "الأكثر حيوية". السوق الآسيوي خصوصاً يُقدر العود المعتق، حيث تشكل القطع المخزنة أكثر من 70% من صفقات اليابان الفاخرة. الخبير الاقتصادي خالد الفاروقي يشير إلى أن ظاهرة "الاستثمار في العود" تخلق ضغطاً اصطناعياً على الأسعار. بعض العينات المخزنة منذ 30 عاماً تباع بأسعار تفوق قيمتها الحسية الحقيقية بنسبة 300%، مما يطرح تساؤلات حول معايير التقييم الموضوعية. هذه التحليلات تكشف أن جودة العود الخام مع التخزين تعتمد على تفاعل معقد بين العوامل الكيميائية والتخزينية والتجارية. القرار الأمثل يتطلب موازنة دقيقة بين الحفاظ على الخصائص العطرية وتحقيق القيمة المضافة الزمنية.