سعر العود بالكيلوغرام: كنز ثمين من الطبيعة

يُعتبر العود من أغلى المواد الطبيعية في العالم، حيث يتراوح سعره بين 5,000 دولار إلى 100,000 دولار للكيلوغرام حسب نوعه وجودته. هذا التفاوت الهائل في الأسعار يدفع الكثيرين للتساؤل: ما الذي يجعل هذه المادة العطرية النادرة بهذه القيمة؟ الإجابة تكمن في تفاصيل معقدة تشمل عوامل بيئية وتاريخية واقتصادية.

نوع الشجرة وعمرها: العامل الأساسي

تنتج أشجار العود (جنس Aquilaria) الراتنج الثمين عند تعرضها لإجهاد بيئي مثل الإصابة بالفطريات. وتختلف جودة الراتنج باختلاف عمر الشجرة، حيث تحتاج الأشجار التي تزيد أعمارها عن 50 عاماً لإنتاج عود من الدرجة الأولى. تشير دراسة أجراها مركز الأبحاث الزراعية في ماليزيا (2019) إلى أن الأشجار الأقدم تنتج راتنجاً أكثر تعقيداً في تركيبه الكيميائي، مما يرفع قيمته السوقية بنسبة 300% مقارنة بالعُود الصغير.

المنطقة الجغرافية: بصمة الطبيعة

تؤثر البيئة بشكل كبير على سعر العود. يُقدّر خبراء العطور أن العود القادم من كمبوديا وفيتنام يصل سعره إلى 80,000 دولار للكيلو، بينما لا يتجاوز سعر النوع الإندونيسي 20,000 دولار. يعزو الخبير الاقتصادي د. خالد الحمادي هذا التفاوت إلى اختلاف التربة والمناخ، حيث توفر الغابات الاستوائية المطيرة في جنوب شرق آسيا ظروفاً مثالية لتكوين الراتنج عالي الجودة.

الطلب العالمي وتقلبات السوق

يشهد سوق العود تغيرات حادة بسبب ازدياد الطلب من دول الخليج العربي والصين. وفقاً لتقرير منظمة التجارة العالمية (2023)، ارتفع الاستهلاك في دبي وحدها بنسبة 40% خلال خمس سنوات. هذا النمو دفع التجار إلى تخزين كميات كبيرة، مما خلق حالة من المضاربة ترفع الأسعار أحياناً إلى مستويات قياسية.

التقليد وضبط الجودة

أصبحت قضية الغش التجاري تحدياً رئيسياً. طورت مختبرات ألمانية حديثاً تقنيات تحليل DNA للتمييز بين العود الأصلي والمغشوش. كما أطلقت السعودية عام 2022 نظاماً لاعتماد جودة العود يشمل تصنيفاً من 5 نجوم، ساهم في استقرار نسبي في الأسعار بنسبة 15% وفقاً لإحصائيات الهيئة السعودية للمواصفات. هذه العوامل المتشابكة تجعل من العود ليس مجرد مادة عطرية، بل ظاهرة اقتصادية وثقافية تعكس تفاعل الإنسان مع كنوز الطبيعة بكل تعقيداته.