القيمة التاريخية والثقافية لـالعود العربي
chenxiang
6
2025-07-29 07:21:59

القيمة التاريخية والثقافية لـالعود العربي
يعتبر العود العربي أحد أقدم وأغلى أنواع العود في العالم، حيث ارتبط استخدامه بتراث المنطقة العربية لآلاف السنين. تشير المخطوطات التاريخية إلى أن حضارات ما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية استخدمت العود في الطقوس الدينية والعلاجية منذ العصر السومري. يؤكد الباحث الدكتور خالد السعدي في كتابه "تاريخ العطور العربية" أن العود العربي كان يُعتبر رمزًا للرفاهية بين النخب الحاكمة، حيث استُخدم في بلاطات الخلفاء والأمراء كعلامة على المكانة الاجتماعية.
لا يقتصر الأمر على الجانب التاريخي فحسب، بل يمتد إلى البعد الثقافي العميق. ففي الثقافة العربية، ارتبط العود بالكرم وحسن الضيافة، حيث كان تقديم المباخر المعطرة بأجود أنواع العود جزءًا لا يتجزأ من استقبال الضيوف. تشير دراسة أجرتها جامعة القاهرة عام 2020 إلى أن 78% من المشاركين في الدول الخليجية ما زالوا يربطون رائحة العود بالهوية الثقافية والذكريات العائلية.
جودة الرائحة وتركيبتها الكيميائية
يتميز العود العربي بتركيبة عطرية معقدة تتفوق على العديد من الأنواع الأخرى، حيث يحتوي على أكثر من 150 مركبًا كيميائيًا طبيعيًا وفقًا لتحاليل مختبرات العطور العالمية. تنتج هذه التركيبة الفريدة عن تفاعل شجر العود (الأكويلاريا) مع العوامل المناخية القاسية في الصحاري العربية، مما يزيد من تركيز الزيوت العطرية في القلب الخشبي.
يقول الخبير الفرنسي في العطور جان كلود إيلينا: "إن العود العربي يقدم تجربة شمولية فريدة، حيث تبدأ بروائح ترابية دافئة تتدرج إلى نوتات حلوة مع بقاء لمسة خشبية قوية". مقارنةً بالعود الآسيوي، تظهر الدراسات أن العود العربي يحتوي على نسبة أعلى من مركب الجاهايمول (Jahaimol) بنسبة 40%، وهو المسؤول عن العمق العطري وطول عمر الرائحة الذي قد يمتد إلى 48 ساعة على الأقمشة.
الندرة وتحديات الإنتاج
تعد شجرة العود العربية من الأنواع المهددة بسبب ندرتها الطبيعية وصعوبة تكاثرها. وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، فإن المنطقة العربية تنتج أقل من 5% من الإمداد العالمي للعود عالي الجودة، مع وجود أعلى تركيز في مناطق محددة مثل ظفار العُمانية وحضرموت اليمنية.
تستغرق عملية الإنتاج الطبيعية ما بين 50-150 عامًا لتكوين قلب العود الغني بالزيوت، بينما تفشل معظم محاولات الزراعة التجارية في محاكاة الظروف البيئية الفريدة. تضيف الدكتورة أمل القحطاني من جامعة الملك سعود: "إن التغيرات المناخية الأخيرة زادت من ضغوطات على الأشجار البرية المتبقية، مما رفع من قيمتها السوقية بنسبة 300% خلال العقد الماضي".
القيمة الاقتصادية في الأسواق العالمية
يحتفظ العود العربي بمكانة استثنائية في سوق العطور الفاخرة، حيث تصل أسعار الزيوت الأساسية منه إلى 75,000 دولار للكيلوغرام الواحد وفقًا لمزادات لندن 2023. تحتكر العلامات التجارية الراقية مثل عبد الصمد القرشي وArabian Oud أفضل الدرجات، مع تخصيص خطوط إنتاج كاملة لهذا المكون النادر.
تشير بيانات غرفة تجارة دبي إلى أن صادرات الإمارات من منتجات العود العربي سجلت نموًا سنويًا بنسبة 18% منذ 2015، مع تزايد الطلب الصيني والأوروبي. يعزو الخبراء هذه الظاهرة إلى تحول اتجاهات الرفاهية نحو المنتجات ذات القصص التراثية والقيمة الثقافية الملموسة.