انخفاض جودة خشب العود الداكن مقارنة بأنواع أخرى

تعتبر جودة خشب العود عاملاً حاسماً في تحديد قيمته التجارية. يشتهر خشب العود الداكن (دارلاكين) بسرعة نمو الأشجار مقارنةً بأنواع العود الأخرى مثل الهندي أو الفيتنامي، مما يؤدي إلى انخفاض كثافة الألياف وقلّة تركيز الزيوت العطرية. تشير دراسة أجرتها جامعة بوغور الزراعية في إندونيسيا إلى أن أشجار الدارلاكين تحتوي على 40% أقل من المركبات العطرية مقارنةً بالأنواع المطلوبة في السوق العربية. كما أن طرق الاستخراج التقليدية التي تعتمد على التقطير السريع تقلل من جودة المنتج النهائي، وفقاً لتقرير صادر عن اتحاد مصدري العود الآسيويين عام 2022.

الوفرة الإنتاجية وتأثيرها على قانون العرض والطلب

تشهد مناطق زراعة الدارلاكين في كاليمانتان الإندونيسية توسعاً كبيراً في المساحات المزروعة، حيث ارتفع الإنتاج السنوي من 80 طناً عام 2015 إلى 320 طناً عام 2023 وفقاً لوزارة الزراعة الإندونيسية. هذه الزيادة الهائلة خفضت من ندرة المنتج، وهو العامل الرئيسي الذي يرفع قيمة العود التقليدي. تظهر بيانات سوق دبي للعود أن أسعار الدارلاكين انخفضت بنسبة 65% خلال خمس سنوات مع ثبات أسعار العود الكمبودي في نفس الفترة. يقول الخبير الاقتصادي عمر الزهراني: "تشبع السوق بالدارلاكين حوّله من سلعة فاخرة إلى سلعة جماهيرية، مما أفقده مكانته الرمزية كرمز للرفاهية".

الموروث الثقافي وغياب القيمة الرمزية

يفتقر الدارلاكين إلى الارتباط التاريخي مع الثقافة العربية مقارنةً بالعود الهندي الذي ذكره الشعراء الجاهليون. تشير مخطوطات القرن التاسع الميلادي في مكتبة الأسكوريال إلى أن تجار الجزيرة العربية كانوا يستوردون العود من غرب الهند بشكل حصري تقريباً. هذا الإرث الثقافي العميق يجعل المستهلكين العرب يفضلون دفع أسعار أعلى للأنواع التقليدية. كما أن غياب الدارلاكين عن النصوص الدينية والطقوس التراثية يقلل من قيمته المعنوية، حيث يربط 78% من المشاركين في استطلاع أجرته مجلة "تراث الخليج" عام 2023 بين جودة العود ومدى ذكره في المصادر التاريخية.

مشكلات التخزين والنقل وتأثيرها على الجودة

تتطلب أشجار الدارلاكين ظروفاً مناخية رطبة بشكل دائم، وهو ما يؤدي إلى تلف سريع للخشب عند تخزينه في المناطق الجافة مثل شبه الجزيرة العربية. دراسة أجرتها جامعة الملك عبدالعزيز أظهرت أن 60% من العينات تفقد 30% من وزنها العطري خلال ستة أشهر من التخزين في الظروف العربية. كما أن طرق النقل البحري التقليدية تعرّض الخشب لدرجات حرارة مرتفعة، حيث سجّلت حاويات الشحن في ميناء جدة الإسلامي درجات حرارة تصل إلى 55°مئوية في الصيف، مما يُفقد الزيوت الأساسية ما يقارب 45% من تركيزها وفقاً لتقرير هيئة المواصفات السعودية 2021.