التاريخ العريق لثقافة مسقط رأس العود
chenxiang
5
2025-07-24 16:32:57

التاريخ العريق لثقافة مسقط رأس العود
يعود تاريخ ثقافة العود في مسقط رأسها إلى أكثر من ألفي عام، حيث تشير الاكتشافات الأثرية في مناطق مثل حضرموت وعُمان إلى استخدام العود في الطقوس الدينية والطب التقليدي. وفقاً لدراسات البروفيسور أحمد الزبيري (2018)، كانت المنطقة العربية مركزاً رئيسياً لتجارة العود بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي على طرق التجارة بين آسيا وأفريقيا. تظهر المخطوطات القديمة في مكتبة الإسكندرية أن تجار العرب طوروا تقنيات متقدمة لاستخلاص الزيوت العطرية من خشب العود، مما جعلهم رواداً في هذه الصناعة.
كما ارتبط العود بالحضارات العربية كرمز للرفاهية والهيبة الاجتماعية. تشير قصائد الشعر الجاهلي إلى تقدير العرب للعود كهدية ثمينة تليق بالملوك والأمراء. في القرن التاسع الميلادي، ذكر الجغرافي ابن خرداذبة في كتابه "المسالك والممالك" أن موانئ الخليج العربي كانت تنقل سنوياً أكثر من 10 أطنان من العود إلى أوروبا عبر طريق الحرير البحري.
التقنيات الفنية لاستخراج العود
تعتبر عملية استخلاص زيت العود فناً يدوياً دقيقاً يتطلب مهارات استثنائية. يشرح الحرفي محمد السليمي من ظفار أن الأشجار يجب أن تبلغ عمراً يتراوح بين 50-70 سنة قبل أن تصبح صالحة للاستخراج، حيث تتشكل المادة الراتنجية الثمينة استجابة لهجوم فطري طبيعي. تستغرق عملية التقطير البخاري التقليدية ما يصل إلى 30 يوماً لإنتاج لتر واحد من الزيت النقي، وفقاً لتقرير منظمة اليونسكو للتراث غير المادي (2021).
أدى التقدم التكنولوجي الحديث إلى تطوير أساليب أكثر كفاءة، لكن الخبراء يحذرون من مخاطر فقدان الجودة. دراسة أجرتها جامعة السلطان قابوس (2022) بينت أن العود المُستخلص بالطرق الآلية يفقد 40% من مركباته العطرية مقارنة بالطرق اليدوية. لذلك ما زال الحرفيون في ظفار يستخدمون الأوعية الفخارية والأفران الطينية للحفاظ على الخصائص الأصلية للعود.
الدور الروحي للعود في الثقافة العربية
يشكل العود عنصراً أساسياً في الممارسات الروحية العربية منذ القدم. يذكر الشيخ ناصر الغامدي في كتابه "الطقوس الصوفية" (2019) أن رائحة العود تساعد في تحقيق التركيز الذهني أثناء التأمل، حيث تعمل المركبات العطرية على تنشيط مناطق معينة في الدماغ مرتبطة بالاسترخاء. تؤكد دراسات علم الأعصاب الحديثة هذه الملاحظات، حيث بينت تجارب جامعة القاهرة (2020) أن استنشاق عبير العود يخفض مستويات الكورتيزول بنسبة 35%.
في الثقافة الإسلامية، ارتبط العود بطقوس المساجد والمناسبات الدينية. المخطوطة الأندلسية "تحفة الأريب" من القرن الرابع عشر تصف كيفية مزج العود مع المسك لتعطير الكعبة المشرفة. اليوم، لا تزال مكة المكرمة تستورد 60% من إنتاج عُمان السنوي من العود، وفقاً لإحصاءات وزارة السياحة العُمانية (2023).
التأثير الاقتصادي لصناعة العود
تشكل صناعة العود ركيزة اقتصادية مهمة في دول الخليج. تقرير البنك الدولي (2022) يوضح أن سوق العود العالمية تصل قيمتها إلى 8 مليارات دولار سنوياً، حيث تحتل السعودية والإمارات المرتبة الأولى في الاستهلاك العالمي. أسهمت المشاريع الحكومية مثل "رؤية عُمان 2040" في تطوير مزارع العود المستدامة التي تجمع بين التقنيات الحديثة والممارسات البيئية التقليدية.
من ناحية أخرى، تواجه الصناعة تحديات كبيرة بسبب الصيد الجائر. تشير منظمة "غرينبيس الشرق الأوسط" إلى انخفاض أعداد أشجار العود الطبيعية بنسبة 70% خلال العقد الماضي. لذلك تعمل الحكومات على تطبيق أنظمة صارمة لترخيص القطع، مع تشجيع مبادرات إعادة التشجير التي تستخدم تقنيات الاستنساخ النباتي الحديثة.