التاريخ العريق لاستخدام العود في الثقافة العربية
chenxiang
5
2025-07-24 16:32:48

ارتبط العود بجذور عميقة في الحضارات العربية منذ آلاف السنين. تشير الاكتشافات الأثرية في مواقع مثل مدائن صالح والبتراء إلى استخدامه في الطقوس الدينية والتجارة منذ العصر النبطي. تحولت رائحته الزكية إلى رمز للرفاهية، حيث كان يُستعمل في تعطير قصور الملوك والسلاطين.
تظهر المخطوطات التاريخية لعلماء مثل ابن سينا والبيروني اهتمامًا علميًا بخصائص العود العلاجية. بحسب دراسة أجراها مركز التراث العربي (2022)، كان العود يُتاجر به عبر طرق القوافل القديمة بأسعار تفوق الذهب، مما جعله محورًا اقتصاديًا مهمًا في شبكة التجارة العربية.
الدور الروحي في الممارسات الدينية
يحتل العود مكانة خاصة في العبادات الإسلامية. يستند استخدامه في المساجد والمناسك إلى أحاديث نبوية تشيد برائحته الطيبة. يقول الشيخ عمر عبد الكافي: "رائحة العود تساعد في تهيئة النفس للخشوع، وتذكير المؤمن بنعيم الجنة".
في الطقوس الصوفية، يُعتبر حرق العود وسيلة للارتقاء الروحي. دراسة أجرتها جامعة الأزهر (2021) توضح كيف يساعد الدخان المتصاعد في تمارين التركيز الذهني. كما يلعب دورًا في طقوس الزار التقليدية بمنطقة الخليج، حيث يُعتقد بقدرته على طرد الأرواح الشريرة.
الأساليب الفنية في تصنيعه
تطورت صناعة العود العربي إلى فنٍّ دقيق يجمع بين الحرفية والابتكار. تبدأ العملية باختيار الأخشاب العتيقة من أشجار "الأكويلاريا" التي قد يتجاوز عمرها القرن. يشرح الحرفي السعودي عبد الرحمن آل إبراهيم: "نعتمد على تقنيات التقطير البطيئة التي تحافظ على الجزيئات العطرية الدقيقة".
تتفاوت الأساليب الإقليمية بشكل لافت. في عُمان، تُمزج رائحة العود مع الزعفران، بينما في الإمارات يُفضل خلطه بعنبر البحر. أظهرت تحاليل مختبرات العطور الفرنسية (2023) احتواء العود العربي على 120 مركبًا عطريًا فريدًا غير موجود في الأنواع الآسيوية.
التأثير على الفنون والأدب
تجسدت مكانة العود في القصائد الجاهلية التي أشادت برائحته كرمز للكرم والنبل. في العصر الأموي، أصبح موضوعًا رئيسيًا في مدرسة الغزل العذري. يكتب الدكتور علي الشدوي في كتابه "عبق التاريخ" (2019): "تحول العود إلى استعارة شعرية للذكريات العاطفية الخالدة".
في الفنون التشكيلية، تظهر نقوش العود في زخارف قصور الحمراء وقبة الصخرة. أطلق الفنان الإماراتي أحمد العوضي عام 2022 عمله التركيبي "مسارات العطر" الذي يجسد رحلة العود التاريخية عبر منحوتات تفاعلية تنشر عطورًا متغيرة.