دبي: عاصمة تجارة العود في العالم

تعتبر دبي واحدة من أهم المراكز العالمية لتجارة العود والعطور الفاخرة، وذلك بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب. تشير تقارير غرفة تجارة دبي إلى أن الإمارة تستورد سنوياً ما يقارب 40% من إنتاج العود العالمي، مما يجعلها الوجهة الأولى لتجار هذه السلعة الثمينة. يعود هذا التدفق الكبير إلى البنية التحتية المتطورة للموانئ والمطارات، والتي تسهل عمليات الاستيراد والتصدير. كما تلعب السياسات الاقتصادية المفتوحة دوراً محورياً في جذب المستثمرين. فالإعفاءات الضريبية على السلع الفاخرة واللوائح المرنة لتجارة العطور تجعل من دبي بيئة مثالية لازدهار سوق العود. وفقاً لدراسة أجرتها جامعة الإمارات عام 2022، فإن 70% من تجار العود في الخليج يفضلون التعامل عبر دبي بسبب الشفافية القانونية وسرعة الإجراءات.

سوق ديرة: قلب تجارة العود التقليدية

لا يمكن الحديث عن العود في دبي دون ذكر سوق ديرة التاريخي، الذي يُعدّ أقدم الأسواق الشعبية وأكثرها حيوية. يضم السوق العشرات من المحلات المتخصصة في بيع العود بأنواعه، بدءاً من العود الهندي المميز وصولاً إلى العود الكمبودي النادر. يتميز البائعون هنا بخبرة تمتد لعقود، مما يوفر للزبائن فرصة الحصول على منتجات أصلية مع ضمان الجودة. وفقاً لتقرير نشرته مجلة "الاقتصاد اليوم" في 2023، فإن 55% من زوار دبي السياحيين يتوجهون إلى سوق ديرة خصيصاً لشراء العود، حيث تجمع المتاجر بين الأصالة التقليدية وتقنيات العرض الحديثة. كما يشتهر السوق بوجود مختصين في خلط العود بالعطور الأخرى، مما يخلق تركيبات فريدة تلبي الأذواق المتنوعة.

المجمعات الفاخرة: وجهة عشاق الرفاهية

تحولت المجمعات التجارية الراقية مثل مول الإمارات ودبي مول إلى نقاط جذب رئيسية لعشاق العود الفاخر. تحتضن هذه المراكز فروعاً عالمية لعلامات تجارية مرموقة مثل "عطر_chatelier" و"أود الملكي"، والتي تقدم منتجات مصنوعة من أفضل أنواع خشب العود المعتق. تبرز هنا ظاهرة "العود المخصص" حيث يقوم الخبراء بتحضير خلطات حصرية بناء على طلب العملاء. تشير إحصاءات شركة "أرقام الاستثمار" إلى أن مبيعات العود في المجمعات الفاخرة شهدت نمواً بنسبة 22% خلال 2023، مدعومة بزيادة إنفاق السياح العرب والأجانب. كما تلعب العروض التفاعلية دوراً في التعريف بثقافة العود، حيث تقام ورش عمل أسبوعية لتعليم فنون التميز بين درجات العود المختلفة.

المهرجانات الثقافية: نوافذ للتعريف بالتراث

تستثمر دبي في فعاليات مثل "مهرجان دبي للعود" لتعزيز مكانتها كعاصمة ثقافية لهذه السلعة. يجمع المهرجان بين المعارض التجارية والعروض الحية لفنون تقطير العود، مما يوفر منصة فريدة للتواصل بين المنتجين والمستهلكين. وفقاً لمدير المهرجان خالد المنصوري، فإن الفعالية ساهمت في زيادة الوعي العالمي بمعايير جودة العود بنسبة 35% خلال ثلاث سنوات. كما تتعاون الجهات الثقافية مع حرفيين محليين لإحياء تقنيات تقليدية في معالجة العود، مثل طريقة "التدخين البارد" التي تحافظ على الزيوت الأساسية. هذه المبادرات لا تعزز الاقتصاد فحسب، بل تحول العود من مجرد سلعة إلى رمز للهوية العربية الأصيلة.