الوضع الإيراني في الشرق الأوسط: تحالفات معقدة وتحديات جيوسياسية

chenxiang 8 2025-07-24 16:32:24

الوضع الإيراني في الشرق الأوسط: تحالفات معقدة وتحديات جيوسياسية

تشكل إيران محورًا رئيسيًا في ديناميات الشرق الأوسط، حيث تُعرِّف سياستها الخارجية بالصراعات التحالفية والتنافس الإقليمي. تُركّز طهران على تعزيز نفوذها عبر دعم الجماعات المسلحة في لبنان وسوريا واليمن، مثل حزب الله والحوثيين، مما يخلق توترات مع دول الخليج العربية والغرب. وفقًا لتقرير معهد الشرق الأوسط في واشنطن (2023)، فإن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق "عمق استراتيجي" يوازن العقوبات الاقتصادية الدولية. من ناحية أخرى، يُنظر إلى الدور الإيراني في العراق كعنصر مُحفِّز للانقسامات الطائفية، حيث تدعم طهران فصائل شيعية مسلحة تؤثر على الاستقرار السياسي. يرى الباحث علي النوري في مركز الدراسات الإقليمية ببيروت أن "التدخل الإيراني يعكس رغبة في تحويل العراق إلى حاجز أمني ضد التهديدات الخارجية"، لكنه يُعقِّد جهود إعادة الإعمار بعد سنوات من الحروب.

البرنامج النووي الإيراني: صراع دولي ورهانات إقليمية

لا يزال الملف النووي الإيراني مصدرًا للجدل الدولي، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية 2015 وإعادة فرض العقوبات. تشير بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تزايد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في منشآت نطنز وفوردو، مما يقرب إيران من القدرة على إنتاج أسلحة نووية. يُحذّر الخبير الأمني عمر الزعبي من أن "تسليح البرنامج سيُغذي سباقًا نوويًا إقليميًا"، خاصة مع امتلاك إسرائيل ترسانة غير معلنة. في المقابل، تُصرّ طهران على سلمية برنامجها وتستند إلى المادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي التي تُكرّس حق الدول في التكنولوجيا النووية المدنية. يدعم هذا الموقف تحالف دولي بقيادة روسيا والصين، وفقًا لتحليل معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI)، الذي يشير إلى أن المصلحة الاقتصادية لهذه الدول تُشكّل ضغطًا على الغرب لتخفيف العقوبات.

العلاقات مع دول الخليج: بين التنافس وحتمية التعاون

تشهد العلاقات الإيرانية الخليجية تقلبات حادة، إذ تُعارض السعودية والإمارات النفوذ الإيراني في المنطقة، بينما تسعى قطر وعُمان لتحقيق توازن دبلوماسي. أدت مفاوضات 2022 في بغداد إلى إعادة فتح القنوات الاتصالية بين الرياض وطهران، لكن التوترات البحرية في الخليج الفارسي تُذكّر بهشاشة الهدوء. يذكر تقرير لمجلس الأطلسي (2023) أن "التنافس على الهيمنة الطاقية يُفاقم الصراع"، خاصة مع تصدير إيران النفط إلى الصين بعيدًا عن العقوبات. مع ذلك، تبرز مصالح مشتركة في مجال أمن الممرات المائية واستقرار أسواق الطاقة. تشير تقديرات منظمة أوبك إلى أن تعطيل مضيق هرمز سيُكلف الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 500 مليار دولار سنويًا، مما يدفع الأطراف إلى حوارات غير مباشرة رغم العداء العلني.

التدخلات الإقليمية: أدوات القوة الناعمة والصلبة

تعتمد إيران على مزيج من القوة العسكرية والدعاية الأيديولوجية لتوسيع نطاق تأثيرها. في سوريا، يُقدّر وجود ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل من فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وفقًا لتقديرات معهد دراسات الحرب (ISW). يُعتبر هذا الوجود جزءًا من "محور المقاومة" الذي تروج له طهران لمواجهة النفوذ الإسرائيلي والأمريكي. في الجانب الثقافي، تُموّل إيران شبكة من المؤسسات الدينية في لبنان والعراق تُروج للمذهب الشيعي، مما يخلق تحالفات اجتماعية تدعم الأجندة السياسية. يُشير البروفيسور حسن علوي في جامعة القاهرة إلى أن "التمويل الإيراني للمراكز الدينية يُعادل 30% من مساعداتها الخارجية"، مما يظهر أولوية القوة الناعمة في الاستراتيجية الإيرانية. هذه العوامل المُتشابكة تُظهر تعقيد الوضع الإيراني في الشرق الأوسط، حيث تتصارع المصالح المحلية والدولية في تشكيل مستقبل المنطقة. بينما تُحاول طهران تحويل التحديات إلى فرص عبر تحالفات غير تقليدية، تبقى التكلفة الاقتصادية والبشرية عاملًا مُحددًا لاستدامة سياساتها.
上一篇:القوة الاقتصادية: السعودية وتركيا والإمارات في الصدارة
下一篇:اللون والنسيج: العلامات الأولى للتمييز
相关文章