العود في الثقافة الإماراتية: رمزية التاريخ والتراث

تعتبر دولة الإمارات، وخاصة دبي، مركزًا عالميًا لتجارة العود واستخدامه، حيث يتجذر هذا العنصر في الهوية الثقافية العربية منذ قرون. يشير الباحث الأنثروبولوجي د. خالد المرزوقي إلى أن العود كان يُستخدم في طقوس الضيافة كرمز للكرم، إذ يُحرق في المجالس لاستقبال الضيوف، مما يعكس قيم التواصل الاجتماعي المتأصلة في المنطقة. كما ارتبط العود بالمناسبات الدينية مثل شهر رمضان والأعياد، حيث تُعتبر رائحته جزءًا من طقوس التكريم الروحي. تشهد النقوش الأثرية في مواقع مثل مليحة على استخدام العود في الإمارات منذ العصر الحديدي، مما يؤكد استمرارية هذه الممارسة عبر الحضارات. اليوم، يحافظ المجتمع الإماراتي على هذه التقاليد من خلال دمج العود في الأحداث الرسمية وحفلات الزفاف، مما يعزز دوره كجسر بين الماضي والحاضر.

أسواق دبي للعود: بين الأصالة والابتكار

تتميز أسواق دبي مثل سوق ديرة للعطور وسوق نايف بتقديم تشكيلة واسعة من أنواع العود، من الدرجة الفاخرة إلى المتوسطة. وفقًا لتقرير غرفة تجارة دبي 2023، فإن 40% من واردات العود العالمية تمر عبر الإمارات، مع تركيز كبير على الأصناف النادرة من كمبوديا والهند. تتبنى المتاجر الحديثة تقنيات مثل التحليل الكيميائي لضمان الجودة، بينما توفر الشهادات الإلكترونية لتتبع مصدر الأخشاب. لا تقتصر العروض على العود الخام، بل تشمل منتجات مبتكرة مثل العطور الممزوجة بالذهب السائل أو الزعفران، والتي تلبي أذواق الجيل الشاب. كما أطلقت دبي مهرجانات سنوية مثل "مهرجان العود والعطور" الذي يجمع بين الحرفيين التقليديين ومصممي العلامات الفاخرة، مما يعزز مكانتها كعاصمة للرفاهية العطرية.

العود في الطب العربي: بين العلم والمعتقدات

على الرغم من انتشار الاستخدام التجميلي للعود، تحتفظ الثقافة العربية بذاكرة غنية حول فوائده العلاجية. تشير دراسة جامعة الشارقة 2021 إلى أن زيت العود يحتوي على مركب "الآغاروفوران" الذي يمتلك خصائص مضادة للالتهابات. يستخدمه المعالجون الشعبيون في تدليك المفاصل، بينما تُنسب إليه تأثيرات مهدئة للجهاز العصبي حسب الطب النبوي. لكن الخبير الصحي د. عمر الحمادي يحذر من المبالغة في الفوائد دون أدلة علمية كافية، مشيرًا إلى أن 65% من الدراسات الحالية ما زالت أولية. مع ذلك، تظهر اتجاهات حديثة في مراكز الطب التكميلي بدبي لدمج العود في جلسات العلاج بالروائح، مدعومة ببروتوكولات مراقبة الجودة الأوروبية.

استثمار العود: أصول تتحدى التقلبات الاقتصادية

أصبح العود الفاخر من فئة "كريم" و"سوبر كريم" أداة استثمارية بارزة في دبي، حيث تشهد أسعاره ارتفاعًا سنويًا بنسبة 7-12% حسب بيانات بنك الإمارات دبي الوطني. يعزو الخبير المالي راشد البلوشي هذه الظاهرة إلى ندرة الأخشاب العطرية الطبيعية وتقلص الغابات الاستوائية بنسبة 30% خلال العقد الماضي. تقدم شركات إدارة الأصول صناديق استثمارية مدعومة بشهادات عود مادية مخزنة في مستودعات مكيفة، مع ضمانات تأمينية ضد الحرائق والسرقة. هذه الآليات، المقترنة بشبكة التصدير العالمية لدبي، تجعل من العود سلعة آمنة للمستثمرين الباحثين عن تنويع محافظهم بعيدًا عن الأسواق التقليدية.