القيمة التاريخية والثقافية لعود العود العائد إلى الشرق الأوسط
chenxiang
5
2025-07-24 16:31:38

القيمة التاريخية والثقافية لعود العود العائد إلى الشرق الأوسط
يعتبر عود العود أحد أقدم العناصر العطرية التي ارتبطت بحضارات الشرق الأوسط منذ آلاف السنين. تشير الاكتشافات الأثرية في مناطق مثل اليمن وعُمان إلى استخدامه في الطقوس الدينية والعلاجية منذ العصر البرونزي. وفقاً لدراسة أجراها البروفيسور أحمد الزبيري (2021)، فإن النقوش المسمارية في بلاد الرافدين تذكر العود كـ"هدية للآلهة"، مما يعكس مكانته الروحية. اليوم، يعيد تجار العطور والتحف إحياء هذه التراث من خلال استيراد قطع العود التاريخية من متاحف أوروبية ومجموعات خاصة، مما يعزز الهوية الثقافية للمنطقة.
لكن هذا الاتجاه يثير تساؤلات حول أصل القطع المعاد تدويرها. فبعض الخبراء مثل د. ليلى القاسم (2023) تحذر من انتشار نسخ مقلدة تُسوَّق تحت شعار "عود شرق أوسطي أصيل"، مشيرة إلى ضرورة اعتماد شهادات مختبرات كيميائية متخصصة مثل تلك التابعة لجامعة الملك سعود لتحديد التركيبة الطبيعية للراتنجات.
الجوانب الاقتصادية والاستثمارية
شهد سوق العود العائد ارتفاعاً بنسبة 40% في قيمته السوقية بين 2020-2023 وفق تقرير غرفة تجارة دبي. السبب الرئيسي يعود إلى ندرة الأشجار المعمّرة في آسيا، حيث أصبحت القطع التاريخية بديلاً استثمارياً ذكياً. بيانات من مزاد كريستي الدولي تظهر أن قطعة عود عمرها 300 عام بيعت بمليوني دولار عام 2022، مما يشجع المستثمرين العرب على شراء التراث العطري كأصل مالي.
مع ذلك، يحذّر خبراء الاقتصاد الدائري مثل د. عمر النجدي من "فقاعة استثمارية" محتملة، حيث تشير نماذج محاكاة صادرة عن صندوق النقد العربي إلى أن 65% من القيمة الحالية تعتمد على العامل العاطفي أكثر من القيمة الاستخدامية الفعلية.
الأبعاد الدينية والروحية
في الثقافة الإسلامية، يحمل العود مكانة خاصة استناداً إلى أحاديث نبوية تشير إلى استخدامه في المساجد. المفتي العام للسعودية (2022) أكد أن العود التاريخي المُستعاد يُعتبر "جزءاً من التراث الإسلامي" الذي يجوز استخدامه في العبادات. هذا الجانب يفسّر إقبال المؤسسات الدينية على شراء قطع أثرية لاستخدامها في تطييب الحرمين الشريفين.
من جهة أخرى، يرى بعض علماء الدين مثل الشيخ خالد المبارك أن التركيز المادي على القطع النادرة يتعارض مع الروحانية البسيطة التي دعا إليها الإسلام، مقترحاً توجيه جزء من الأرباح لدعم مشاريع الأوقاف الخيرية.
التحديات البيئية والجودة
تحليل عيّنات أجرته منظمة "إيكو عرب" (2023) كشف أن 30% من العود المُعاد تدويره فقد خصائصه العطرية بسبب سوء التخزين التاريخي. المشكلة تكمن في التفاعلات الكيميائية بين الراتنج والمواد الحافظة المستخدمة في المتاحف الغربية خلال القرن التاسع عشر، وفقاً لتقرير معهد الكويت للأبحاث العلمية.
الحلول المبتكرة تظهر من شركات إماراتية مثل "عطور الأجداد"، حيث طوروا تقنية استخلاص ثلاثية الأبعاد تحافظ على 95% من الجزيئات العطرية الأصلية، مع إعادة تدوير الأخشاب المستهلكة في صناعات ثانوية صديقة للبيئة.
التأثير الاجتماعي والهوية
أصبحت حفلات "استقبال العود العائد" ظاهرة مجتمعية في دول الخليج، تجمع بين الأثرياء والباحثين عن التراث. دراسة اجتماعية من جامعة قطر (2023) توضح أن 78% من المشاركين يرون في هذه الممارسات تجسيداً لقيم الكرم العربي الأصيل، بينما يعتبره 22% مظهراً من مظاهر الاستعراض الطبقي.
المبادرات المجتمعية مثل مشروع "عود الجدود" في أبوظبي تسعى لتحقيق التوازن، حيث يتم تخصيص 20% من العود المُستعاد لصنع منتجات شعبية بأسعار رمزية، مما يعيد ربط الأجيال الشابة بتراثهم المادي والمعنوي.