المناخ الجغرافي والظروف البيئية في الشرق الأوسط وعلاقتها بزراعة العود
chenxiang
3
2025-07-24 16:31:15

المناخ الجغرافي والظروف البيئية في الشرق الأوسط وعلاقتها بزراعة العود
تعتبر شجرة العود (أو العود البنفسجي) من النباتات الاستوائية التي تتطلب مناخًا رطبًا وأمطارًا غزيرة، وهي ظروف نادرة الوجود في معظم مناطق الشرق الأوسط. وفقًا لدراسات نباتية منشورة في مجلة "الزراعة العالمية" (2021)، فإن درجات الحرارة المرتفعة والجفاف السائد في دول مثل السعودية والإمارات لا تناسب نمو أشجار العود، التي تحتاج إلى معدل رطوبة يزيد عن 70% سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، تشير أبحاث جامعة القاهرة (2020) إلى أن التربة الرملية السائدة في المنطقة تفتقر إلى العناصر العضوية الضرورية لتغذية هذه الأشجار.
ومع ذلك، توجد محاولات محدودة لزراعة العود في بعض المناطق الجبلية في عُمان واليمن، حيث توجد أمطار موسمية. لكن هذه المحاولات لا تزال في مراحلها التجريبية، ولم تُنتج حتى الآن خشبًا عالي الجودة بسبب قِصر فترة النمو مقارنة بالأشجار في جنوب شرق آسيا التي تحتاج إلى 30–50 عامًا لتراكم الراتنج العطري.
الدور التاريخي للشرق الأوسط في تجارة العود
على الرغم من عدم إنتاج المنطقة للعود، فقد شكلت مركزًا تجاريًا حيويًا له عبر التاريخ. تشير مخطوطات القرن التاسع الميلادي في مكتبة الإسكندرية إلى أن تجار مكة والمدينة كانوا يستوردون العود من الهند ويوزعونه عبر طرق القوافل إلى أوروبا وشمال أفريقيا. وقد ورد ذكر العود في كتاب "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" لابن البيطار (1248م) كأحد السلع الثمينة التي تصل إلى الموانئ العربية.
في العصر الحديث، تحولت دول مثل الإمارات إلى مراكز لتصنيع منتجات العود عبر استيراد المواد الخام. وفقًا لتقرير غرفة تجارة دبي (2023)، فإن 85% من العطور الفاخرة التي تحتوي على العود في السوق الخليجي تُصنع محليًا من مواد مستوردة، مما يدعم الاقتصاد دون الحاجة إلى الزراعة المحلية.
العود في الثقافة العربية: بين التقاليد والواقع
يحتل العود مكانة رمزية في التراث العربي، رغم غياب إنتاجه محليًا. تشير قصائد الجاهلية إلى استخدام العود في الطقوس الاجتماعية، بينما ارتبط في الثقافة الإسلامية بحديث نبوي شريف يُنسب إلى الرسول محمد: "خيرُ الطِّيبِ المِسكُ والعود". يرى الدكتور خالد الزعابي في كتابه "العطر والتاريخ" (2019) أن هذه الإشارات تعكس قيم التبادل الثقافي أكثر من دلالات الإنتاج المحلي.
في المقابل، تظهر الدراسات الأنثروبولوجية أن المجتمعات البدوية في شبه الجزيرة العربية طوّرت بدائل محلية مثل "اللبان" و"المُرة"، والتي حلت مكان العود في الاستخدامات اليومية بسبب توفرها الجغرافي. وهذا يعكس تكيّف الثقافة مع الموارد المتاحة، مع الحفاظ على القيمة الرمزية للعود كعنصر فاخر.