تاريخ وتقاليد تجارة العود في دبي
chenxiang
3
2025-07-24 16:31:13

تاريخ وتقاليد تجارة العود في دبي
تمتلك دبي تاريخًا عريقًا في تجارة العود يعود إلى قرون، حيث كانت مركزًا حيويًا لطرق التجارة بين الشرق والغرب. وفقًا لدراسات أجراها الباحث الإماراتي خالد الظاهري، فإن موقع دبي الاستراتيجي جعلها نقطة التقاء للتجار العرب والهنود والفرس، الذين جلبوا معهم أعلى أنواع العود من دول مثل الهند وإندونيسيا. وقد تطورت هذه التجارة مع الوقت لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للإمارة، حيث ارتبط استخدام العود بالمناسبات الدينية والاجتماعية في المجتمع الخليجي.
تشير السجلات التاريخية إلى أن حكام آل مكتوم أولوا اهتمامًا خاصًا بتطوير أسواق العود منذ القرن التاسع عشر، مما ساهم في تعزيز مكانة دبي كعاصمة عالمية لهذه السلعة الثمينة. اليوم، لا تزال الأسواق التقليدية مثل ديرة تحتفظ بروح التاريخ من خلال هندستها المعمارية الفريدة وطريقة عرض البضائع التي تزاوج بين الأصالة والحداثة.
جودة العود وطرق التمييز بين الأنواع
يتميز سوق العود الدبي بتوفيره مجموعة واسعة من الدرجات والأنواع، بدءًا من العود الفاخر المُستخرج من أشجار "آكويلاريا" النادرة، ووصولًا إلى المنتجات الممزوجة بالزيوت العطرية. وفقًا لتقرير صادر عن غرفة تجارة دبي 2023، فإن 60% من العود المُباع في السوق يحمل شهادات جودة معتمدة من جهات دولية مثل "ISO". يعتمد الخبراء على معايير محددة للتمييز بين الأنواع، مثل كثافة الرائحة ولون الزيت ومدة الاحتراق.
من المثير للاهتمام أن بعض المتاجر الراقية توفر أجهزة استشعار إلكترونية لتحليل مكونات العود، كما ذكرت مجلة "الاقتصاد اليوم" في عددها الأخير. ومع ذلك، يظل الاعتماد على الحسّ الخبير للبائعة التقليديين العاملين في السوق منذ عقود عاملاً حاسماً في ضمان الجودة، خاصة بالنسبة للزبائن المتمرسين الذين يبحثون عن "العود العتيق" الذي تتراوح أعماره بين 50-100 سنة.
التجربة السياحية الفريدة في أسواق العود
تحوّلت أسواق العود في دبي إلى وجهة سياحية ثقافية تجذب أكثر من مليون زائر سنويًا حسب إحصاءات دائرة السياحة 2022. تقدم هذه الأسواق تجربة حسية متكاملة تبدأ من مشاهدة فناني النقش وهم ينحتون قطع العود يدويًا، وصولًا إلى ورش العمل التفاعلية حيث يمكن للزوار تعلّم صناعة العطور التقليدية. تبرز هنا فلسفة "التسوق التربوي" التي تتبناها المتاجر الحديثة، حيث يصاحب كل عملية شراء شرح مفصل عن أصول المنتج وطرق الاستخدام الأمثل.
لا تقتصر الزيارة على الشراء فحسب، بل تشمل المشاركة في طقوس الضيافة العربية الأصيلة. كما أشارت دراسة أجرتها جامعة زايد 2021، فإن 78% من السياح الأوروبيين يذكرون أن رائحة العود في الأسواق شكلت ذاكرة حسية دائمة ارتبطت بتجربتهم في دبي. هذا المزيج بين التراث والتكنولوجيا يخلق توازنًا فريدًا يجسد روح المدينة القادرة على الحفاظ على أصالتها مع انفتاحها على العالم.