التمييز بين أساور العود الأصليّة والمزيّفة بسعر 100 جنيه

انتشرت في الأسواق مؤخراً أساور عود مُعلن عنها بأسعار زهيدة تصل إلى 100 جنيه، مما أثار تساؤلات حول جودتها وأصالتها. العود، المعروف برائحته الفوّاحة وقيمته الثقافيّة العريقة في العالم العربي، يُعتبر من أغلى أنواع الأخشاب العطريّة. لكنّ انتشار منتجات بهذا السعر المُنخفض يفرض على المستهلك الحذر والبحث عن علامات التمييز بين الأصلي والمزيّف، خاصة مع تطور تقنيات التزييف التي تجعل من الصعب تمييزها بالعين المجرّدة.

الفرق بين رائحة العود الطبيعي والصناعي

أبرز ما يُميز العود الأصلي هو رائحته العطريّة العميقة والثابتة، والتي تختلف كليّاً عن العطور الصناعيّة. عند فرك حبات السوار بلطف، يُطلق العود الحقيقي رائحة خشبيّة دافئة تزداد قوّة مع مرور الوقت، بينما تفقد المزيّفة حدّتها سريعاً أو تنبعث منها روائح كيميائيّة لاذعة. وفقاً لخبير العطور د. خالد السعيد، فإن 80% من العود المزوّر يحتوي على خلطات من الزيوت الاصطناعيّة التي تُقلّد الرائحة بشكل سطحي دون الخصائص العلاجيّة المعروفة للعود الأصلي. من الجدير بالذكر أن بعض المزوّرين يستخدمون أخشاباً رخيصة مثل "السنط" أو "الجاوي" ويشبّعونها بزيوت مُنكّهة، مما يُعطي انطباعاً مؤقتاً بالأصالة. لذلك يُنصح بوضع السوار في كيس قماشي مغلق لمدة 24 ساعة، فإذا احتفظت الرائحة بقوّتها يكون ذلك مؤشراً إيجابيّاً، بينما تتبدّد الروائح الصناعيّة في الغالب خلال ساعات قليلة.

التحليل البصري لنسيج الخشب وكثافته

يتميّز خشب العود الأصلي بنسيج عضوي غير منتظم، مع وجود خطوط متعرّجة ومسامات طبيعيّة تُرى بالعدسة المكبّرة، بينما تظهر الأسعار المزيّفة أنماطاً ميكانيكيّة مُتكرّرة تشير إلى استخدام قوالب صناعيّة. كما يُلاحظ في العود الحقيقي تدرّجات لونيّة من البني الداكن إلى الذهبي، ناتجة عن تفاعل الراتنجات الطبيعيّة مع الزمن، على عكس الألوان الموحّدة التي تُصبغ بها المنتجات المُقلّدة. من الاختبارات العمليّة البسيطة وضع حبّات السوار في ماء دافئ، حيث يطفو العود الأصلي بسبب كثافته المنخفضة، بينما تغوص معظم الأنواع المزوّفة لاحتوائها على مواد مالئة مثل الرصاص أو البلاستيك. لكن يجب التنبيه إلى أن بعض أنواع العود عالي الجودة قد تكون كثيفاً جداً، لذا يُفضل الاستعانة بخبير لتأكيد النتائج قبل اتخاذ أي قرار شرائي.

السياق الثقافي ودلالات السعر المنخفض

في الثقافة العربيّة، يُعتبر العود رمزاً للكرم والنُبل، مما يجعله سلعةً مرتبطة بالمناسبات الخاصّة. وفقاً لدراسة أجرتها جامعة القاهرة عام 2022، فإن 67% من العود المُباع بأقل من 300 جنيه مصري يحتوي على أقل من 10% من المكوّنات الأصليّة. هذا التناقض بين القيمة الرمزيّة والسعر التجاري يُشكّل تنبيهاً للمستهلكين بأن "ما يُشترى بملاليم قليلة لا يُقدّم إلا قليلاً من الجودة". ختاماً، فإن شراء أساور العود بأسعار شديدة الانخفاض يُشبه المقامرة، إذ تُخفي وراءها مخاطر صحّية بسبب المواد الكيميائيّة، بالإضافة إلى خسارة القيمة الروحيّة المرتبطة بهذا المنتج الثمين. يُوصى بالشراء من متاجر موثوقة مع شهادات ضمان، أو اللجوء إلى بدائل مثل المسك الطبيعي التي تُحافظ على البُعد الثقافي دون مجازفة ماليّة.