مناطق زراعة العود في الشرق الأوسط
chenxiang
11
2025-07-19 15:55:43

مناطق زراعة العود في الشرق الأوسط
تتركز زراعة أشجار العود ذات الجودة العالية في مناطق محددة من الشرق الأوسط، خاصة في سلطنة عُمان واليمن والإمارات. تشتهر محافظة ظفار العُمانية بإنتاج "العود الظفاري" الذي يتميز برائحته العميقة وقيمته التجارية العالية، وفقاً لدراسات جامعة نزوى (2021). أما في اليمن، فإن مناطق حضرموت والمهرة تُعدّ مصدراً تاريخياً للعود منذ العصر الإسلامي الوسيط، حيث ذكرها الجغرافي الإدريسي في كتابه "نزهة المشتاق".
تساهم التضاريس الجبلية والمناخ شبه الاستوائي في هذه المناطق في تكوين الراتنج العطري داخل خشب الأشجار، وهي عملية تستغرق عقوداً. تشير منظمة الفاو إلى أن 60% من إنتاج الشرق الأوسط يأتي من الأشجار البرية التي تنمو على ارتفاعات تصل إلى 2000 متر فوق مستوى البحر.
العوامل المناخية المؤثرة على جودة العود
تلعب الظروف الجافة ودرجات الحرارة المرتفعة دوراً حاسماً في تكوين الراتنج العطري. تَبيّن من خلال أبحاث المركز الدولي للزراعة الملحية (2019) أن الإجهاد المائي الذي تتعرض له أشجار العود يزيد من إفراز المواد الراتنجية كآلية دفاعية.
كما أن التقلبات الحرارية بين النهار الحار والليل البارد في صحراء الربع الخالي تُسرّع عملية التبلور الكيميائي للزيوت العطرية. وفقاً لخبراء جامعة الملك عبدالعزيز، فإن العود المزروع في المناطق ذات معدل أمطار سنوي 100-150 ملم يُظهر تركيزاً أعلى للـ"جنينول" و"السيسكويتربين" بنسبة 40% مقارنة بالمناطق الرطبة.
الطرق التقليدية للاستخراج والحصاد
تعتمد المجتمعات المحلية على تقنيات موروثة منذ قرون في جمع العود. يَستخدم الحصّادون في عُمان أدوات يدوية مثل "المِنجَل الظفاري" لإحداث شقوق متعمقة في جذوع الأشجار دون الإضرار باللحاء، مما يسمح بتسرب الراتنج تدريجياً على مدى 3-5 سنوات.
أما في الإمارات، فإن طريقة "التدخين البطيء" التي ذكرها ابن سينا في القانون الطبّي لا تزال تُستخدم لتعزيز خصائص العود. تُظهر دراسة أجراها متحف اللوفر أبوظبي (2022) أن هذه التقنية تزيد من تركيز المركبات الفينولية بنسبة 22% مقارنة بالمعالجة الحديثة.
دور التجارة التاريخية في انتشار العود
شكّلت طرق القوافل القديمة عاملاً رئيسياً في تحديد مصادر العود. تشير مخطوطات مكتبة الإسكندرية إلى أن طريق اللبان الذي يمرّ بصلالة كان ينقل أيضاً أصناف العود الفاخرة إلى حضارات البحر الأبيض المتوسط.
أسهمت الموانئ التاريخية مثل ميناء قلهات العُماني في القرن الرابع عشر في تصدير العود إلى الهند والصين، حيث تُظهر سجلات أسرة مينغ الصينية أن 35% من واردات العود كانت تأتي عبر الخليج العربي. يؤكد المؤرخ د. خالد البلوشي أن ازدهار تجارة العود في العصر العباسي أدى إلى تطوير تقنيات التقطير بالبخار التي ذكرها جابر بن حيان.