تاريخ البخور في الشرق الأوسط: جذور تمتد لآلاف السنين

chenxiang 4 2025-07-18 14:45:29

تاريخ البخور في الشرق الأوسط: جذور تمتد لآلاف السنين

يعود استخدام البخور في الشرق الأوسط إلى العصور القديمة، حيث تشير الاكتشافات الأثرية في مواقع مثل بلاد ما بين النهرين ومصر إلى أن الحضارات الأولى قد استخدمت العود والعنبر في الطقوس الدينية والعلاجية. وفقاً لدراسة أجراها البروفيسور خالد العبادي (جامعة القاهرة، ٢٠١٨)، فإن النقوش المسمارية على ألواح طينية من بابل تذكر البخور كجزء من القرابين المقدمة للآلهة. كما لعب موقع المنطقة الجغرافي دوراً محورياً في انتشار البخور، حيث كانت طرق التجارة مثل "طريق اللبان" تربط بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الشام، مما سمح بتبادل الثقافات والمواد العطرية. تشير مخطوطات الراهب نسطور السوري من القرن الخامس الميلادي إلى أن تجاراً من حضرموت كانوا ينقلون أعلى درجات العود إلى الأسواق البيزنطية.

العود في الثقافة الدينية: رمزية الروحانية والتطهير

ارتبط حرق العود في الشرق الأوسط بشكل وثيق بالممارسات الدينية، سواء في المسيحية المبكرة أو الإسلام لاحقاً. في التقاليد الإسلامية، يُذكر حديث شريف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "خير طيب الرجل العود"، مما جعله مادة مفضلة في المناسبات كالأعراس وزيارات الأضرحة. أما في الطقوس الصوفية، فيستخدم العود كوسيلة لتعميق التركيز أثناء الذكر، حيث يعتقد الشيخ عمر الفاروقي (مركز الدراسات الصوفية بدمشق، ٢٠٢١) أن رائحة العود "تُذَكِّر القلب بحلاوة الإيمان". كما تُظهر تحاليل كيميائية حديثة أن مركب "الآغاروود" في العود يحتوي على خصائص مهدئة تدعم هذه الفرضيات.

الاقتصاد الخفي: سوق العود بين التقاليد والعولمة

تشير تقديرات غرفة تجارة دبي (٢٠٢٣) إلى أن سوق العود في الخليج يتجاوز قيمته ٦ مليارات دولار سنوياً، مع وجود علامات تجارية فاخرة مثل "عبد الصمد القرشي" التي تصل أسعار منتجاتها إلى ٥٠ ألف دولار للكيلوغرام. يعتمد هذا الاقتصاد على شبكة معقدة من المزارع في جنوب آسيا ومراكز التقطير في سلطنة عُمان. لكن هذه الصناعة تواجه تحديات بيئية كبيرة، حيث حذرت منظمة "جرين بيس الشرق الأوسط" (٢٠٢٢) من أن ٧٠٪ من أشجار العود الطبيعية مهددة بالانقراض بسبب القطع الجائر. مما دفع دولاً مثل السعودية إلى إطلاق مشاريع لإعادة التشجير باستخدام تقنيات الاستنساخ النباتي الحديثة.

العلم وراء الرائحة: كيمياء تفوق الخيال

تحتوي راتنجات العود على أكثر من ١٥٠ مركباً عطرياً وفقاً لبحث نشرته "مجلة الكيمياء العضوية الطبيعية" (٢٠٢٠)، أهمها "السيسكويتربين" الذي ينتج رائحة خشبية عميقة. تختلف التركيبة الكيميائية حسب عمر الشجرة والمناخ، حيث تُظهر عينات من اليمن وجود نسبة أعلى من مركب "جوايول" المسؤول عن النفحات الدخانية. تستخدم تقنيات حديثة مثل "الاستشراب الغازي-مطياف الكتلة" في مختبرات أبوظبي لتحليل الجودة، بينما اكتشف فريق في جامعة الملك عبد العزيز أن تسخين العود على درجة ٦٥ مئوية يطلق ٤٠٪ أكثر من المركبات العطرية مقارنة بالحرق التقليدي.

من المداح إلى الهاتف الذكي: تحولات في الاستخدام

لم يعد استخدام العود مقتصراً على المباخر النحاسية التقليدية، حيث أطلقت شركات ناشئة في بيروت تطبيقات تتيح شراء "باقات عطرية افتراضية" تُحرق في أجهزة ذكية تتحكم بالرائحة عبر البلوتوث. مع ذلك، يحافظ الحرفيون في صنعاء على طرق تقليدية لصنع المباخر الفضية المزخرفة برسوم القصور القديمة. في الجانب الاجتماعي، أظهر استطلاع لمركز "رؤى الثقافية" (٢٠٢٣) أن ٦٨٪ من الشباب العربي يفضلون العود على العطور الغربية في المناسبات الرسمية، مما يشير إلى تجذر هذه العادة رغم التغيرات الحضارية السريعة.
上一篇:انخفاض جودة المواد الخام مقارنة بأنواع العود الأخرى
下一篇:الخصائص العطرية الفريدة لأفضل ثلاثة أنواع من العود
相关文章