اللون والملمس: العلامات الأولى لتمييز العود الأصلي

تعتبر مراقبة اللون والملمس من أبرز الطرق لتحديد جودة العود. يتميز العود الأصلي بلون بني غامق يميل إلى السواد مع وجود تدرجات طبيعية ناتجة عن تكوين الراتنجات داخله على مدى سنوات. في المقابل، غالباً ما تظهر المنتجات المزيفة ألواناً موحدة أو مصنوعة من صبغات صناعية تفتقر إلى العمق الطبيعي. وفقاً لدراسة أجراها مركز أبحاث الأخشاب في دبي عام 2022، فإن 78% من العينات المقلدة تحتوي على بقع لونية غير متجانسة عند فحصها تحت الأشعة فوق البنفسجية. أما من حيث الملمس، فإن العود الحقيقي يتميز بصلابة معتدلة تسمح بترك آثار خفيفة عند الضغط عليه بأداة حادة، بينما تكون المواد الصناعية إما هشة جداً أو مطاطية بشكل مبالغ فيه. ينصح الخبراء بتمرير قطعة خشبية صغيرة على السطح؛ فإذا ترك الخط أثراً باهتاً دون انقسامات واضحة، فهذا يشير إلى وجود الراتنجات الطبيعية التي تعمل كمادة لاصقة بين الألياف.

الرائحة: البصمة العطرية التي لا تُقلَّد

الرائحة تعتبر العامل الحاسم في التمييز بين العود الأصلي والمزيف. عند تسخين قطع العود الحقيقية، تنبعث منها روائح معقدة تتراوح بين الحلوة والمرّة مع إحساس دافئ يستمر لساعات. بينما تنتج المواد الصناعية روائح حادة تشبه العطور الكيميائية التي تتبدد بسرعة. وفقاً لتقرير منظمة العطور العالمية (IFRA)، تحتوي الروائح المقلدة على مركبات مثل "ثنائي ميثيل بنزين" بنسبة تصل إلى 60%، مما يسبب تهيجاً للجهاز التنفسي عند الاستخدام المطول. من المهم اختبار الرائحة على مراحل: أولاً عند درجة حرارة الغرفة، ثم بعد التسخين الخفيف، وأخيراً عند الاحتراق الكامل. العود الأصلي يحافظ على تماسك عطري حتى بعد الإطفاء، بينما تتحول القطع المزيفة إلى رائحة رماد شبيهة بالورق المحترق. تجربة مجموعة من المختصين في سوق العطور بمسقط أظهرت أن 95% من المشاركين تمكنوا من التمييز بين العود الأصلي والمزيف عبر حاسة الشم فقط بعد تدريب مكثف.

الكثافة ورد فعل الماء: اختبارات فيزيائية دقيقة

تتميز قطع العود الأصلي بكثافة عالية بسبب تراكم الراتنجات على مدى عقود. عند وضعها في الماء، تغوص القطع الأصلية ببطء بينما تطفو معظم المزيفات. أظهرت تجارب معملية في جامعة الملك عبدالعزيز أن كثافة العود الطبيعي تتراوح بين 1.1 إلى 1.3 جم/سم³، مقارنة بـ 0.8 إلى 0.9 للمواد الصناعية. يمكن استخدام اختبار "الغمر الجزئي" للتمييز: توضع القطعة في كوب ماء لمدة 30 دقيقة. العود الحقيقي يمتص كمية محدودة من الماء تترك سطحاً مبللاً دون تغير في القوام، بينما تنتفخ القطع المقلدة أو تتحلل جزئياً. هذه الخاصية تعود إلى البنية الخلوية الفريدة للشجر المعمر، كما أوضح البروفيسور خالد السفياني في محاضرة حول خصائص الأخشاب العطرية.

تفاعل الحرق: النار تكشف الحقيقة الخفية

عند حرق العود الأصلي، تنتج شرارة ناعمة مع دخان أبيض كثيف يتصاعد بشكل عمودي. الرماد الناتج يكون ناعماً وذا لون فاتح، بينما ينتج عن المزيف دخان أسود متعرج ورماداً خشناً. وفقاً لتحليل كروماتوغرافي أجرته شركة "عطور الشرق" عام 2023، يحتوي دخان العود الحقيقي على 18 مركباً عطرياً ثابتاً، في حين لا يتجاوز عددها 5 في الأنواع المقلدة. من المهم مراقبة سرعة الاشتعال: العود الطبيعي يشعل ببطء ويحترق بشكل منتظم، في حين تحترق المواد الصناعية بسرعة مع لهب عالٍ. توصي جمعية هواة جمع العود باستخدام مصدر حرارة غير مباشر (مثل الجمر) بدلاً من اللهب المباشر للحصول على نتائج أكثر دقة. هذه الطريقة تعتمد على الخبرة التاريخية لتجار طريق الحرير الذين كانوا يختبرون البضائع قبل شرائها.