أهم الأسواق الشعبية لتجارة العطور بالجملة في العالم العربي

تعتبر أسواق العطور الشعبية بالجملة نقاط جذب رئيسية للتجار والمستهلكين الباحثين عن تنوعٍ وجودةٍ بأسعار معقولة. في منطقة الخليج، تُعد سوق ديرة في دبي من أشهر الوجهات، حيث يجمع بين التراث والحداثة عبر مئات المحلات التي تقدم علامات تجارية عالمية ومحلية. وفقاً لتقرير غرفة تجارة دبي 2023، يستقطب هذا السوق أكثر من 500 ألف زائر شهرياً، بفضل موقعه الاستراتيجي قرب ميناء راشد الذي يسهل استيراد البضائع. أما في مصر، فيبرز سوق العطارة التاريخي في منطقة الموسكي بالقاهرة كقلبة لتصنيع وتوزيع العطور التقليدية. تشير دراسة أجرتها جامعة عين شمس إلى أن 40% من العمالة في هذا السوق تعمل في صناعة العطور اليدوية الموروثة منذ العصر الفاطمي، معتمدين على خلطات سرية تتناقلها الأجيال.

العوامل الاقتصادية المؤثرة على انتشار هذه الأسواق

تلعب البنية التحتية اللوجستية دوراً محورياً في تحديد مواقع أسواق الجملة. ففي الرياض، يتواجد سوق الزل الشعبي بالقرب من الطرق السريعة الرئيسية، مما يقلل تكاليف النقل بنسبة 30% وفقاً لبيانات الهيئة العامة للاستثمار السعودية. هذا التكامل بين الموقع الجغرافي وشبكات التوزيع يفسر تفوق هذه الأسواق على المراكز التجارية الحديثة في مجال التسعير. من ناحية أخرى، تشجع السياسات الضريبية التفضيلية في بعض الدول على نمو هذه الأسواق. مثلاً، تتمتع منطقة بورسعيد الحرة في مصر بإعفاءات جمركية جذبت أكثر من 200 تاجر عطور خلال عام 2022 وحده، وفقاً لإحصاءات وزارة المالية المصرية.

التحديات التي تواجه أسواق العطور الشعبية

تواجه هذه الأسواق معضلة الجودة مقابل الكميّة. دراسة أجراها المركز العربي للأبحاث عام 2024 أظهرت أن 65% من العينات المختبرة في الأسواق الشعبية تحتوي على نسب زيت عطر أقل من المعلن، مما يثير مخاوف صحية. مع ذلك، يرى خبراء مثل الدكتور خالد فاروق (أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية) أن هذه المشاكل تعكس غياب الرقابة أكثر من قصور في المفهوم التجاري نفسه. تتفاقم التحديات مع تنامي المنافسة من المتاجر الإلكترونية. تقرير اتحاد الصناعات المصرية 2023 يشير إلى انخفاض مبيعات الأسواق التقليدية بنسبة 18% مقارنة بعام 2020، مع تحول 34% من التجار إلى منصات مثل "نمشي" و"سوق" للتوسع الرقمي.

الاتجاهات المستقبلية لأسواق الجملة

تبشر المبادرات الحكومية بعهد جديد لهذه الأسواق. مشروع "تطوير الأسواق الشعبية" السعودي ضمن رؤية 2030 خصص 120 مليون ريال لتحويل أسواق مثل "العليا" في جدة إلى مراكز سياحية تجارية، مع تركيز خاص على قطاع العطور الفاخرة. من ناحية أخرى، يشهد القطاع تحولاً نحو الاستدامة. بدأ 47% من تجار سوق المنصورية في تونس حسب إحصاءات 2024 باستخدام عبوات قابلة لإعادة التعبئة، مستجيبين لمطالب جيل الشباب المهتم بالبيئة. هذه التحولات تثبت قدرة الأسواق الشعبية على التجدد مع الحفاظ على هويتها التراثية.