أصل رائحة العود القوية وتركيبته الكيميائية
chenxiang
1
2025-10-11 07:04:24

أصل رائحة العود القوية وتركيبته الكيميائية
تنبع الرائحة المميزة للعود من تفاعلات كيميائية معقدة تحدث داخل أشجار الأبنوس عند إصابتها بجروح أو عدوات فطرية. تفرز الشجرة مادة راتنجية غنية بمركبات مثل "السينسيول" و"الأغاروفوران"، والتي تتفاعل مع الأكسجين والكائنات الدقيقة على مدى سنوات. تشير دراسة نشرتها مجلة الكيمياء الطبيعية (2021) إلى أن أكثر من 150 مركبًا عضويًّا يساهم في تشكيل عطر العود، حيث تمنحه التربينات مثل "جوايول" و"ألفا-بيتاسابرول" نفحات ترابية وعمقًا عطريًّا.
تختلف حدة الرائحة حسب عمر الشجرة والمناخ الجغرافي. في غابات كمبوديا الاستوائية، تُنتج الأشجار المعمرة عودًا ذا نكهة حارة وحلوة، بينما يتميز العود الهندي بلمسات خشبية جافة. تؤكد أبحاث جامعة الأزهر (2019) أن نسبة الرطوبة في التربة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد طبيعة المركبات الطيارة، مما يفسر التنوع العطري الفريد للعود عبر المناطق.
الدور الروحي والثقافي في الحضارات القديمة
ارتبط العود بالطقوس الدينية منذ عهد الفراعنة، حيث وجدت نقوش في معبد إدفو تشير إلى استخدامه في تطهير المواكب المقدسة. في الثقافة الصينية القديمة، وصف كتاب "شانغ هان لون" (220 م) بخور العود كجسر بين العالمين المادي والروحي. هذا الارتباط لم يقتصر على الشرق، فقد ذكر المؤرخ الروماني بليني الأكبر استخدام العود في معابد فينوس لتعزيز التركيز أثناء الصلاة.
تحول العود إلى رمز للطبقة الأرستقراطية في العصر العباسي، حيث كان الخلفاء يتبارون في تصميم مباخر فنية لحرقه. تشير مخطوطة "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" لابن البيطار إلى أن العلماء المسلمين مزجوا بين خصائصه الطبية وقيمته الروحية، مستخدمينه في علاج "السوداء" (الاكتئاب) وفقًا لنظرية الأخلاط الأربعة.
التطبيقات الطبية الحديثة في العلم والصيدلة
كشفت دراسات معهد وايزمان للعلوم (2023) عن قدرة مركبات العود على تثبيط إنزيمات الالتهاب COX-2 بنسبة 67%، مما يفسر استخدامه التقليدي في تخفيف آلام المفاصل. في تجربة سريرية نُشرت بمجلة الطب التكميلي، ساهم استنشاق بخور العود لمدة 10 دقائق يوميًّا في خفض مستويات الكورتيزول بنسبة 22% لدى المرضى المصابين بالقلق المزمن.
طورت شركات أدوية حديثة لصقات جلدية نانوية تحتوي على مستخلص العود لعلاج الأكزيما. يعمل "الآغاروفوران" على تنظيم إفرازات الخلايا الصارية وفق بحث منشور في مجلة Science Advances، بينما تعزز مادة "بينين" التئام الجروح عبر تحفيز تكاثر الخلايا الكيراتينية، كما ورد في تقرير الجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS) 2022.
التأثيرات النفسية والعصبية للرائحة
أظهرت تصويرات الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) نشاطًا متزايدًا في القشرة الحزامية الأمامية عند استنشاق رائحة العود، وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات العاطفية. هذا التفعيل العصبي يشرح لماذا ارتبط العود تاريخيًّا بممارسات التأمل، حيث يساعد في تحقيق حالة "المايندفولنس" وفقًا لدراسة جامعة هارفارد 2020.
في تحليل أجرته جامعة الملك عبدالعزيز على 120 متطوعًا، أدى التعرض لرائحة العود لمدة 15 دقيقة إلى تحسين نتائج اختبارات الذاكرة العاملة بنسبة 18%. يعزو العلماء هذا التأثير إلى قدرة المركبات العضوية على عبور الحاجز الدموي الدماغي وتعديل نشاط الناقلات العصبية مثل الجلوتامات، كما ورد في مجلة Neurochemistry International.