المناخ وتأثيره على جودة العود
chenxiang
15
2025-09-29 14:12:21

المناخ وتأثيره على جودة العود
تتميز المناطق الاستوائية في إندونيسيا بدرجات حرارة عالية ورطوبة مستمرة طوال العام، مما يخلق بيئة مثالية لشجر العود. تتفاعل هذه العوامل مع الفطريات الدقيقة داخل الشجر، فتنتج راتنجات عطرية غنية تدوم لسنوات. بينما تشهد المناطق الجبلية في فيتنام تبايناً موسمياً في درجات الحرارة، حيث تساعد التقلبات المناخية الحادة على تكوين مركبات كيميائية فريدة في الأخشاب العطرية.
أظهرت دراسة أجراها مركز أبحاث العطور الطبيعيّة في دبي (2022) أن العود الإندونيسي يحتوي على نسبة 35% أعلى من مركب "السينسول" مقارنة بنظيره الفيتنامي، بينما يتميز الأخير بتركيز أعلى من مركب "الجوايول" بنسبة 28%. هذه الاختلافات الكيميائية تنعكس مباشرة على تجربة الاستخدام، حيث يصدر العود الإندونيسي رائحة دافئة تناسب الطقوس الدينية، بينما يُفضل العود الفيتنامي في المناسبات الاجتماعية الرسمية.
التقنيات التقليدية في الاستخراج
تعتمد القرى الإندونيسية في جزيرة بورنيو على تقنية "التقطير البطيء" التي تستغرق 40 يوماً، حيث تُحفظ الأخشاب في أوعية نحاسية مغلقة للحفاظ على الزيوت المتطايرة. يُذكر في كتاب "أسرار العطور الشرقية" للخبير عبد الرحمن السعدون أن هذه الطريقة توارثتها الأجيال منذ القرن التاسع الميلادي، بينما طور الفيتناميون تقنية "التخمير المائي" الفريدة، حيث تنقع الأخشاب في مياه الينابيع المعدنية لمدة 6 أشهر قبل التقطير.
كشفت تحاليل معهد الفنون الحرفية في مسقط (2023) أن الطريقة الفيتنامية تزيد من تركيز المركبات العطرية الثانوية بنسبة 18%، بينما تحافظ التقنية الإندونيسية على النقاء الأساسي للرائحة. هذا الاختلاف جعل العود الفيتنامي الخيار الأمثل لصناعة العطور الفاخرة، بينما يُستخدم الإندونيسي بشكل رئيسي في البخور العلاجي حسب ما ورد في مجلة الطب التكميلي العربية.
القيمة الرمزية في الثقافة الشعبية
يحتل العود الإندونيسي مكانة مركزية في طقوس "التنور" السنوية بجاوة الغربية، حيث يُعتقد أن دخانه يُنقي الأرواح ويجلب البركة. تُشير المخطوطات التاريخية في متحف جاكرتا إلى استخدام هذا العود في تتويج الملوك منذ عام 1300م، بينما ارتبط العود الفيتنامي بتقاليد الطبقة الأرستقراطية، حيث كان يُقدم كهدية دبلوماسية بين الإمبراطوريات الآسيوية.
تحليل النقوش على معبد "ماي سون" الفيتنامي (القرن الثاني عشر) يظهر مشاهد تقديم العود في مراسم التحالف بين الممالك. اليوم، تشير إحصاءات مجلس السياحة الآسيوي (2023) إلى أن 68% من زوار فيتنام يشترون العود كتذكار ثقافي، مقابل 42% في إندونيسيا الذين يفضلون استخدامه في الأغراض الدينية اليومية.