العلاقة التاريخية بين العود وطرد الحشرات
chenxiang
13
2025-09-28 09:16:28

عُرف استخدام العود في الثقافات القديمة كأحد الوسائل الطبيعية لمقاومة الحشرات. تشير المخطوطات العربية القديمة إلى أن الحضارات العربية استخدمت بخور العود في المناطق الحارة للحد من انتشار البعوض. على سبيل المثال، ذكر ابن سينا في كتابه "القانون في الطب" خصائص بعض النباتات العطرية في تنقية الهواء وصد الحشرات، رغم عدم تخصيصه حديثاً مفصلاً عن العود.
توارثت الأجيال هذه الممارسات بشكلٍ تجريبي، حيث لاحظ الأجداد أن المناطق التي تُحرق فيها أعواد العود تشهد وجوداً أقل للحشرات الطائرة. يعزو الباحثون في التراث الشعبي هذا التأثير إلى الرائحة القوية الناتجة عن الاحتراق، والتي قد تشكل حاجزاً حسياً للبعوض.
التحليل العلمي للمكونات الفعالة
أظهرت دراسة نشرتها مجلة "الكيمياء الطبيعية" عام 2018 احتواء خشب العود على مركبات السيسكويتربين بنسبة تصل إلى 15%. هذه المركبات العضوية المعقدة تتفاعل مع مستقبلات الشم لدى الحشرات، حيث تؤكد الدكتورة ليلى الحمادي من جامعة الملك عبدالعزيز أن بعض السيسكويتربينات تُعطل القدرة الحسية للبعوض في تحديد مواقع الفرائس.
لكن دراسة يابانية نُشرت في "مجلة علم الحشرات التطبيقي" 2021 أشارت إلى تفاوت فعالية هذه المركبات حسب تركيزها. بينما يُظهر العود الطبيّ تأثيراً ملحوظاً عند تركيز 5%، فإن الاستخدام العادي كبخور قد لا يصل إلى هذا التركيز المطلوب. هذا التفاوت يفسر الاختلاف في التجارب الشخصية بين الأفراد.
المقارنة مع وسائل الوقاية الحديثة
عند مقارنة فعالية العود بمنتجات DEET الكيميائية، تظهر البيانات تفوق الأخيرة في الحماية طويلة المدى. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تعمل المواد الصناعية على حجب مستقبلات البعوض لمدة 8-10 ساعات مقابل ساعتين كحد أقصى للوسائل العطرية الطبيعية. مع ذلك، يفضل الكثيرون استخدام العود لارتباطه بالأمان الصحي، خاصةً للأطفال والحوامل.
تجدر الإشارة إلى أن الجمع بين الطريقتين قد يعطي نتائج مثلى. اقترح بحث من جامعة القاهرة عام 2022 أن استخدام العود كمكمل للكريمات الطاردة يقلل من الحاجة إلى التكرار المتكرر للمواد الكيميائية، مما يقلل من الآثار الجانبية المحتملة على الجلد.
العوامل المؤثرة على الفعالية العملية
تختلف نتائج استخدام العود كمطارد للبعوض حسب ظروف الاستخدام. في الأماكن المفتوحة ذات التهوية الجيدة، تتشتت المواد الفعالة بسرعة مما يقلل من مدى التأثير. بينما في الغرف المغلقة مع الاحتراق المستمر، سجلت تجارب ميدانية في السودان عام 2020 انخفاضاً بنسبة 40% في نشاط البعوض خلال الساعتين الأوليتين.
كما تلعب جودة العود دوراً حاسماً. يحتوي العود اليمني الأصلي على تركيز أعلى من المركبات الطاردة مقارنةً بالأنواع التجارية المخلوطة بالمنكهات الصناعية. تشير التحاليل المخبرية إلى أن درجة حرارة الاحتراق المثالية لتحرير المواد الفعالة تتراوح بين 120-150 درجة مئوية، وهو ما يتطلب استخدام مواقد خاصة بدلاً من الفحم العادي.