العلاقة بين العود والبعوض: هل للبخور تأثير طارد؟
chenxiang
4
2025-08-27 21:11:49

العلاقة بين العود والبعوض: هل للبخور تأثير طارد؟
تشتهر العديد من الثقافات باستخدام خشب العود كعنصرٍ في الطقوس اليومية، لكن التساؤل حول فعاليته في طرد البعوض يبقى محل نقاش. تشير بعض الدراسات الأولية إلى أن المركبات العضوية المتطايرة في دخان العود - مثل السيسكويتربين والألدهايدات - قد تعطل حاسة الشم لدى الحشرات. تجربة أجراها باحثون في جامعة الأزهر عام 2018 أظهرت انخفاضاً بنسبة 40% في نشاط البعوض خلال ساعة من الاحتراق، لكن هذه النتائج تختلف حسب نوعية الخشب وتركيز الزيوت الأساسية.
من ناحية أخرى، يرى خبراء الصحة العامة أن التأثير الوقائي محدود مقارنةً بالوسائل الحديثة. الدكتور خالد محمود، أستاذ علم الحشرات الطبية، يشير في ورقة بحثية عام 2020 إلى أن فعالية العود لا تتجاوز 30 دقيقة في الأماكن المفتوحة، مع تأكيده على ضرورة استخدامه كمكمل وليس بديلاً عن الناموسيات أو المواد الكيميائية الموثوقة.
الجذور التاريخية والثقافية
ترتبط ممارسة تبخير المنازل بالعود في العالم العربي بطبائع الوقاية التقليدية. المخطوطات الطبية الأندلسية مثل "التصريف لمن عجز عن التأليف" للزهراوي (القرن العاشر) تذكر استخدام الدخان النباتي لتنقية الجو من "الهوام المؤذية". هذا الإرث الثقافي يفسر استمرارية الاعتقاد الشعبي، حيث وجدت دراسة استقصائية أجرتها جامعة القاهرة عام 2022 أن 68% من المشاركين في الدول العربية يعتبرون العود جزءاً من استراتيجياتهم لمكافحة الحشرات.
لكن التحليل الأنثروبولوجي يكشف أن الدور الرئيسي للعود يتركز في الجوانب الروحية والاجتماعية أكثر من كونه حلّاً عملياً. الدكتورة أمينة الخليلي، المتخصصة في التراث العربي، تلاحظ في كتابها "أريج الذاكرة" (2019) أن ارتباط الرائحة الزكية بالنقاء النفسي جعل الناس يربطونها تلقائياً بالحماية الجسدية، مما خلق ترابطاً ثقافياً بين العود والوقاية من الأضرار.
العوامل المؤثرة على الفعالية العملية
تختلف نتائج استخدام العود كمادة طاردة حسب ظروف الاستخدام. التجارب المخبرية التي أجراها معهد الأبحاث البيئية في دبي عام 2021 بينت أن تركيز الزيت العطري في الخشب يلعب دوراً حاسماً، حيث تفقد العينات منخفضة الجودة تأثيرها خلال 15 دقيقة فقط. كما أن التهوية الجيدة للمكان تزيد من انتشار المركبات الفعّالة، بينما تقلل الرطوبة العالية من كفاءتها بنسبة تصل إلى 60% وفقاً لنفس الدراسة.
العامل البشري أيضاً يؤثر على النتائج، إذ أن التعود على الرائحة قد يخفض من إدراك الأشخاص لوجود البعوض. تقرير منظمة الصحة العالمية الإقليمي عام 2023 يحذر من الاعتماد الكلي على الوسائل الحسية في الوقاية، مؤكداً أن البعوض قد يطور آليات تكيف مع الروائح الثابتة مع مرور الوقت، مما يستدعي تنويع أساليب المكافحة.