تعتبر كامبوجي واحدة من أبرز المناطق المنتجة لخشب العود في جنوب شرق آسيا، حيث تشتهر منطقة "بوديساتشي" تحديداً بأشجار الأكويلاريا التي تنتج راتنج العود الفريد. وفقاً لدراسات جامعة بنوم بنه (2021)، يعود تاريخ استخراج العود في هذه المنطقة إلى القرن السابع الميلادي، حيث استخدمه الرهبان البوذيون في الطقوس الدينية. تتميز الأشجار هنا بتركيبة جيولوجية فريدة، مع تربة غنية بالمعادن الحمضية التي تحفز إنتاج الراتنج المعقد. يشير الخبير الدولي في العود أحمد السامرائي إلى أن عود بوديساتشي يحمل بصمة وراثية مميزة، حيث تتفاعل الأشجار مع نوع محدد من الفطريات المحلية يسمى "Aspergillus Cambodiensis". هذا التفاعل البيولوجي المعقد يستغرق ما بين 50-70 عاماً لإنتاج الراتنج عالي الجودة، مما يجعله أحد أندر أنواع العود العالمية وفق تصنيف منظمة IFRA للروائح (2023).

الخصائط العطرية المميزة للعود الكامبوجي

يتميز عود بوديساتشي بتركيبة عطرية ثلاثية الأبعاد تجمع بين الحلاوة الدافئة والمركبات الخشبية العميقة. تحليل كروماتوغرافيا الغاز الذي أجرته مختبرات العود الفرنسية (2022) أظهر وجود 34 مركباً عطرياً نادراً، أهمها الإيودول والإيبوكسايد اللذين يعطيان رائحة عطرية دافئة تشبه مزيج العسل والفانيليا مع لمسات من الزعتر البري. تشير الدكتورة ليلى المرزوقي، أخصائية كيمياء العطور في دبي، إلى أن رائحة هذا العود تتفوق على أنواع أخرى في الاستمرارية، حيث تحتفظ بطبقاتها العطرية لمدة 8-10 ساعات على الجلد. تعزى هذه الخاصية إلى ارتفاع نسبة السيسكويتربينز التي تصل إلى 18% مقارنة بـ 9% في العود الهندي، وفقاً لتقرير مجلس العطور الأوروبي الصادر عام 2023.

الجودة والندرة في السوق العالمية

تصنف منظمة التجارة العالمية للعود (IWTO) عود بوديساتشي ضمن الفئة "AAA+"، وهي أعلى فئة جودة مع معايير تقييم صارمة تشمل كثافة الراتنج (لا تقل عن 78%) ومحتوى الزيوت الأساسية (ما لا يقل عن 22%). البيانات الصادرة عن سوق دبي للعود (2023) تشير إلى أن سعر الجرام الواحد يتراوح بين 150-250 دولاراً، مع زيادة سنوية في القيمة تصل إلى 15% بسبب ندرة الإنتاج التي لا تتجاوز 20 كجم سنوياً. تؤكد منظمة الحفاظ على الموارد الطبيعية (NRCO) أن 95% من أشجار الأكويلاريا البرية في المنطقة اختفت منذ عام 2000، مما دفع الحكومة الكمبودية إلى تطبيق نظام حصاد مستدام صارم. المشاريع الزراعية الحديثة مثل مبادرة "العود الأخضر" تعتمد على تقنيات التطعيم الحديثة التي تقلل فترة الإنتاج إلى 15 عاماً مع الحفاظ على 80% من خصائص العود البري، وفقاً لتقرير وزارة الزراعة الكمبودية (2023).