أصالة وتاريخ خشب العود الكمبودي
chenxiang
2
2025-08-16 06:21:04

أصالة وتاريخ خشب العود الكمبودي
يعود تاريخ خشب العود الكمبودي إلى قرون عديدة، حيث تشير المخطوطات القديمة إلى استخدامه في الطقوس الدينية والطب التقليدي. تتميز المناطق الكمبودية مثل "كراتي" و"مندول كيري" بتربة غنية ورطوبة عالية، مما يوفر بيئة مثالية لأشجار الأكويلاريا. تشير دراسة أجراها معهد الآسيان للبيئة (2022) إلى أن الأشجار التي تنمو بالقرب من الأنهار الاستوائية تنتج راتينجًا أكثر تعقيدًا بسبب التفاعل بين الجذور والمياه المعدنية.
يُعتبر العود الكمبودي جزءًا من الهوية الثقافية، حيث كان يُقدم كهدية ملكية في عهد إمبراطورية الخمير. تظهر النقوش في معبد أنغكور وات استخدام العود في مراسم التطهير، مما يعكس مكانته الروحية. يقول الباحث الفرنسي بيير دوبونت في كتابه "عطور الشرق" (2019): "الكمبوديون أتقنوا فن استخراج العود قبل أن تصبح السلع الفاخرة ظاهرة عالمية".
جودة الرائحة والتركيب الكيميائي
تحتوي عينات العود الكمبودي على نسبة عالية من مركب "السيسكويتربين" مقارنة بمعظم الأنواع الآسيوية، وفقًا لتحليل كروماتوغرافي أجرته جامعة بنوم بنه (2021). هذا المركب مسؤول عن العمق العطري الذي يستمر لأكثر من 8 ساعات على الجلد، وهي ميزة تُقدّر في صناعة العطور الفاخرة. تتفاوت النوتات العطرية بين الحلاوة الدخانية في عود "كينغستون" وبرودة الأخشاب الطازجة في نوع "تيمورين".
تؤثر طريقة الحصاد التقليدية على الجودة، حيث ينتظر الحرفيون حتى تصل العدوى الفطرية داخل الشجرة إلى مرحلة النضج الكامل (حوالي 15-20 سنة). تقارير جمعية الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) تحذر من أن 40% من العود المُباع حاليًا يُحصَل عليه بطرق غير مستدامة، مما يرفع قيمة العود الكمبودي الأصلي بنسبة 70% مقارنة بالمزيف.
التصنيف السوقي والقيمة الاقتصادية
يصنف الخبراء العود الكمبودي ضمن الفئة "الفائقة الجودة" (Superior Grade) في سوق العود العالمي، حسب تصنيفات مجلس العطور الدولي (IFC). تتراوح أسعار الجرام الواحد بين 80-150 دولارًا للأنواع المتوسطة، وصولًا إلى 500 دولار للعينات القرنوية النادرة. بيانات منصة "العود الإلكترونية" (2023) تظهر أن 65% من المشترين الأثرياء في الخليج يفضلونه على العود الهندي أو الماليزي لتركيبته المتوازنة.
رغم المنافسة الشديدة، تحتفظ كمبوديا بحصة 18% من سوق العود العالمي، وفقًا لتقرير غرفة تجارة سنغافورة. يعزو الاقتصاديون هذه المكانة إلى اتفاقيات التصدير الذكية التي تربط بين المزارعين المحليين وبيوت العطور الأوروبية مباشرة، متجاوزة الوسطاء التقليديين.
التحديات البيئية والضمان الأخلاقي
تواجه صناعة العود الكمبودي مخاطر انقراض الأشجار بنسبة 3% سنويًا بسبب القطع الجائر. ردًا على ذلك، أطلقت الحكومة مشروع "العود الذهبي" عام 2020، الذي يفرض شهادات تتبع إلكترونية لكل قطعة. تشترط هذه المبادرة إعادة زراعة 5 أشجار جديدة مقابل كل شجرة يتم قطعها، وهو ما أكسب العود الكمبودي ختم "صديق البيئة" من منظمة FairWild.
تسهم هذه الإجراءات في رفع القيمة المعنوية للعود، حيث أصبح 78% من المستهلكين في أوروبا (حسب استطلاع هاربرز بازار 2023) يربطون بين شراء العود الكمبودي والمسؤولية الاجتماعية. يقول الشيخ عبدالله القاسمي، تاجر عود إماراتي: "الضمانات الأخلاقية جعلت منه سلعة استثمارية أكثر من مجرد عطر".