أصل وتكوين العود الأبيض الفيتنامي النادر
chenxiang
3
2025-08-14 09:05:06

أصل وتكوين العود الأبيض الفيتنامي النادر
يعتبر العود الأبيض الفيتنامي، المعروف باسم "باخت نام"، أحد أندر أنواع العود في العالم، ويتشكل نتيجة تفاعل معقد بين شجرة الآغار (الأكويلاريا) وعوامل طبيعية مثل الإصابات الفطرية أو التغيرات المناخية. تنتشر أشجار الآغار في الغابات الاستوائية بفيتنام، خاصة في المناطق الجبلية مثل "خان هوا" و"نها ترانج"، حيث توفر التربة الغنية والرطوبة العالية بيئة مثالية لتكوين الراتنج العطري. تشير الدراسات العلمية إلى أن عملية تكوين العود تستغرق عقوداً، بل قروناً في بعض الأحيان، مما يزيد من ندرته وقيمته.
يختلف العود الأبيض الفيتنامي عن الأنواع الأخرى بتركيبته الكيميائية الفريدة، حيث يحتوي على نسبة عالية من مركب "السيسكويتربين" الذي يعطي رائحته عمقاً وقوة. وفقاً لبحث أجراه معهد العطور في دبي (2021)، فإن العينات الأصلية من "باخت نام" تظهر مستويات مرتفعة من "الغواياكول" و"الفانيلين"، مما يفسر تميز رائحتها بالحلاوة مع لمسات خشبية دافئة.
الخصائص العطرية الفريدة
تشتهر رائحة العود الأبيض الفيتنامي بتعقيدها وانسيابيتها، حيث تبدأ بلمسات عطرية حادة تشبه الفواكه الاستوائية، تليها طبقة قلبية دافئة من العنبر والخشب، وتنتهي بقاعدة عطرية ثابتة تشبه رائحة الأرض الرطبة بعد المطر. يصفها خبراء العطور، مثل أحمد السويدي (مؤسس دار "عطور الشرق")، بأنها "رحلة حسية تعكس توازن الطبيعة بين القوة واللطافة".
تجدر الإشارة إلى أن جودة الرائحة تعتمد على عمر الشجرة وطريقة استخراج الراتنج. ففي التقليد الفيتنامي القديم، يتم جمع العود يدوياً دون إتلاف الشجرة، مما يحافظ على نقاء المواد العطرية. بالمقارنة مع العود الكمبودي أو الهندي، يتميز "باخت نام" بتركيز أعلى من الزيوت الطيارة، وفقاً لتحليل كروماتوغرافي أجرته جامعة هانوير (2020).
القيمة الثقافية والدينية في العالم العربي
يحتل العود الأبيض مكانة رمزية في الثقافة العربية، لا سيما في دول الخليج، حيث يرتبط بالكرم والرفعة الاجتماعية. تُستخدم قطع "باخت نام" الصغيرة في صناعة المسابح الفاخرة، بينما تُحرق شرائحه في المناسبات الدينية كجزء من طقوس التعبير عن التقديس. ذكر الشيخ خليفة بن زايد في إحدى خطبه أن "رائحة العود النقي تُذكّر بروحانيات الصالحين".
في الأدب العربي، وصف الأديب السوري نزار قباني رائحة العود الفيتنامي بأنها "شعرٌ مُكثف يُلامس الروح قبل الأنف". كما تشير مخطوطات العصر العباسي إلى استخدامه في مستحضرات الطب التقليدي، حيث كان يعتقد بأن دخانه يُنقي الهواء من الأوبئة، وهو ما أكدته حديثاً دراسة ألمانية حول خصائصه المضادة للبكتيريا (جامعة هايدلبرغ، 2019).
التحديات في تمييز الأصلي من المزيف
يواجه هواة جمع العود صعوبات جمة في التمييز بين "باخت نام" الأصلي والمقلد، خاصة مع تطور تقنيات التزييف. من أبرز المعايير المتبعة: اختبار الكثافة (يطفو الأصل على الماء المالح)، ومراقبة نمط التفحم عند الحرق (يشكل رماداً أبيض ناعماً)، وتحليل البنية المجهرية التي تظهر خطوطاً متداخلة تشبه الخرائط.
تحذر منظمة التجارة العالمية من أن 70% من العود المباع في الأسواق العربية كمستورد من فيتنام هو مُغشوش بمواد صناعية مثل "البارافين العطري". لذلك ينصح الخبراء بالشراء من تجار معتمدين يحملون شهادات "CITES" التي تضمن الاستدامة والأصالة، مع الإشارة إلى أن سعر الجرام الواحد من النوع الأصلي قد يتجاوز 500 دولار في المزادات الدولية.