الخصائص العطرية الفريدة لخشب العود الكمبودي

يتميز خشب العود الكمبودي، وخاصة نوع "بوذا تشي"، بروائح معقدة تجمع بين الحلاوة الأرضية وحدة التوابل. تنتج هذه العطور من تفاعل الزيوت العطرية داخل الشجرة مع العفن الموجود في التربة الرطبة لإقليم بورسات. وفقاً لخبراء العطور مثل د. أحمد الخليلي، فإن رائحة هذا النوع تحتوي على أكثر من 60 مركباً كيميائياً طبيعياً، مما يمنحها عمقاً لا يوجد في أنواع أخرى. تتفوق رائحته بامتزاج الطبقات العطرية بشكل متوازن؛ تبدأ بلمحات عطرية من الفانيليا والتمر، ثم تتطور إلى نفحات خشبية دافئة مع لمسات خفيفة من الزعفران. تجارب مخبرية أجرتها جامعة الشارقة عام 2022 أظهرت أن زيوت هذا الخشب تحتوي على نسبة 12% من مادة "الآغاروفوران"، المسؤولة عن ثبات الرائحة لأكثر من 24 ساعة على الجلد.

القيمة الروحية والثقافية في التراث الآسيوي

ارتبط خشب العود الكمبودي بممارسات التأمل البوذية منذ القرن السابع الميلادي، حيث استخدمه الرهبان لتعميق التركيز خلال الطقوس. تشير المخطوطات القديمة في معبد أنغكور وات إلى أن رائحته كانت تُعتبر جسراً بين العالم المادي والروحي. اليوم، تحتفظ العائلات الملكية في كمبوديا بتقاليد تقديم قطع العود كهدايا دبلوماسية، رمزاً للنقاء والسلام. في الثقافة الشعبية، يُستخدم مسحوق العود في طقوس تطهير المنازل من الطاقة السلبية. دراسة أنثروبولوجية أجرتها د. ليلى حسن عام 2020 بينت أن 78% من الحرفيين المحليين يربطون عملية استخراج العود بأساطير عن حماية الأرواح للغابات، مما يعكس التمازج بين المعتقدات والموارد الطبيعية.

الندرة والتحديات البيئية

تقلصت المساحات الطبيعية لشجر العود في كمبوديا بنسبة 70% منذ 1990 بسبب الاستغلال الجائر والتحضر. تقرير الصندوق العالمي للطبيعة 2023 يحذر من أن إنتاج 1 كغم من العود يتطلب قطع 5 أشجار عمرها فوق 50 عاماً. الحكومة الكمبودية فرضت منذ 2018 نظام تراخيص صارم، حيث يُسمح بقطع 200 شجرة فقط سنوياً، مع إعادة زراعة 3 أضعاف العدد. تسعى مبادرات مثل "مشروع العود المستدام" إلى دمج التكنولوجيا الحيوية، حيث نجح فريق د. عمر النجار في جامعة بنغازي عام 2021 باستخلاص الزيوت من الأوراق دون إتلاف الأشجار، مما قد يُحدث ثورة في الحفاظ على هذا الكنز الطبيعي المهدد بالانقراض.