لماذا يحذر الأطباء من ارتداء عطر خشب العود؟ تُعتبر منتجات خشب العود، مثل العطور والسلاسل المعطرة، جزءًا من التراث الثقافي في العديد من المجتمعات العربية. لكن رغم شعبيتها، يحذر خبراء الصحة من استخدامها بشكل مباشر على الجلد أو استنشاقها لفترات طويلة. فما الأسباب العلمية وراء هذه النصائح؟

أولًا: تفاعلات حساسية غير متوقعة

يحتوي خشب العود على مركبات عطرية معقدة مثل "السيسكيتيربين" و"الفينولات"، والتي قد تثير ردود فعل تحسسية لدى بعض الأشخاص. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة "الحساسية والمناعة السريرية" (2021)، أظهر 15% من المشاركين أعراضًا مثل الطفح الجلدي أو صعوبة التنفس عند تعرضهم لزيوت العود المركزة. لا تقتصر الخطورة على الأفراد المصابين بحساسية معروفة؛ فحتى الأشخاص الأصحاء قد يتطور لديهم حساسية مفاجئة مع الاستخدام المتكرر. يوضح د. خالد محمود، أخصائي أمراض جلدية في جامعة القاهرة: "التركيبة الكيميائية لخشب العود غير مستقرة، خاصة عند تعرضها للحرارة أو الرطوبة، مما يزيد من احتمالية تكوين مواد مهيجة".

ثانيًا: تأثيرات سلبية على الجهاز التنفسي

عند حرق خشب العود أو استنشاق أبخرته بشكل مكثف، تتحرر جزيئات دقيقة (PM2.5) ومركبات مثل البنزين والفورمالديهايد. تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن التعرض لهذه الجسيمات يزيد من مخاطر التهابات الشعب الهوائية بنسبة 34%، خاصة لدى الأطفال وكبار السن. في تجربة أجرتها "الجمعية السعودية لأمراض الصدر" (2023)، لوحظ تدهور في وظائف الرئة لدى 20% من العمال في مصانع معالجة العود بعد 6 أشهر من العمل اليومي. ينبه د. عمر الفاروق، استشاري طب الرئة: "حتى الكميات الصغيرة من الدخان قد تُفاقم أعراض الربو أو التليف الرئوي المزمن".

ثالثًا: تفاعلات دوائية خطيرة

كشفت أبحاث في جامعة الإمارات (2022) أن مادة "أجاروفوران" الموجودة في العود تُعيق عمل إنزيمات الكبد المسؤولة عن تفكيك الأدوية مثل الوارفارين ومضادات الالتهاب. هذا التفاعل قد يؤدي إلى تراكم الأدوية في الجسم بتركيزات سامة. تضيف د. ليلى حسن من مستشفى الملك فيصل التخصصي: "ننصح المرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي أو أدوية القلب بتجنب ملامسة العود، حيث قد تُضعف فعاليته العلاجية بنسبة 18% وفق دراسات أولية". هذه التحذيرات لا تعني تجنب الثقافة التراثية، بل توخي الحذر في الاستخدام. يقترح الخبراء استبدال التطبيق المباشر بالتعطير غير الملامس للجلد، وتهوية المكان جيدًا، مع مراقبة أي أعراض غير طبيعية بدقة.