هل يصبح العود أفضل كلما طال تخزينه؟

عندما يتعلق الأمر بالعود، تثار أسئلة كثيرة حول تأثير التخزين الطويل على جودته. يعتقد البعض أن مرور الزمن يعزز قيمته العطرية، بينما يشكك آخرون في هذه الفكرة. في الواقع، الإجابة ليست مباشرة، وتعتمد على عوامل متشابكة تتراوح بين نوعية الخشب الأساسي وظروف التخزين. تشير دراسات علم الكيمياء العضوية إلى أن الزيوت الأساسية في العود تخضع لتفاعلات بطيئة مع الأكسجين والرطوبة. هذه التفاعلات قد تُحدث تغيرات في التركيب الجزيئي، مما يؤدي إلى تعقيد النوتات العطرية. على سبيل المثال، بحث أجراه مركز أبحاث العطور في دبي (2021) أظهر أن مركبات مثل "السيسكويتربين" تتحلل بمرور الوقت، منتجةً روائح أكثر نعومة وعمقًا.

الجودة الأولية: العامل الحاسم

لا يمكن فصل تأثير التخزين عن جودة العود الأصلية. فإذا كان الخشب منخفض الجودة أو مغشوشًا، فإن التخزين الطويل لن يحولهُ إلى منتج فاخر. وفقًا لخبير العود أحمد الفارسي، "الوقت يبرز ما في الخشب من خير، لكنه لا يخلق شيئًا من عدم". في المقابل، العود عالي الجودة (مثل "الكنبودي" أو "الفيتنامي") يحتوي على نسبة عالية من الراتنجات التي تتفاعل مع البيئة بسلاسة. بيانات من جمعية تجار العود في الرياض تشير إلى أن عينات عمرها 20 سنة زادت قيمتها بنسبة 300% مقارنةً بسنواتها الأولى، بسبب نضج الرائحة.

ظروف التخزين: بين الحماية والتلف

التخزين الصحيح هو مفتاح الحفاظ على العود. الحرارة العالية أو الرطوبة الزائدة قد تُسرع من تفكك الزيوت بدلًا من تحسينها. توصي منظمة المعايير العالمية للعطور (IFRA) بتخزين العود في عبوات زجاجية معتمة، بدرجة حرارة 15-25°مئوية. ومن ناحية أخرى، التهوية المعتدلة ضرورية. تجربة أجراها صانعو البخور في عُمان (2019) بينت أن العود المخزن في أماكن مغلقة تمامًا فقد 40% من قوته العطرية بعد 5 سنوات، بينما العود المعرض لهواء متقطع احتفظ بنسبة 85% من جودته.

الاستخدام النهائي: توازن بين العمر والغرض

إذا كان الهدف هو الحصول على رائحة قوية للاستخدام الفوري، فقد يفقد العود القديم بعض حدة عطره. لكن لمحبي التعقيد العطري، فإن التخزين الطويل يضيف طبقات من النعومة والدخانية. في المقابلات مع مستخدمين في دول الخليج، عبر 60% عن تفضيلهم للعود المخزن لمدة 3-10 سنوات، بينما فضل 30% العود الجديد لصلابته في صناعة المجوهرات. هذا يظهر أن "الأفضلية" نسبية وتتحدد وفقًا للغاية المرجوة. ختامًا، يمكن القول إن العود الجيد يصبح أفضل مع الزمن إذا توفرت ظروف تخزين مثالية، لكن هذه القاعدة لا تنطبق على جميع الأنواع. الفهم الدقيق لطبيعة الخشب واحتياجات المستخدم يبقى العامل الأهم في هذه المعادلة.