تأثير الزمن على جودة خشب العود الخام

عندما يتعلق الأمر بخشب العود، فإن القاعدة الذهبية بين الخبراء هي: "كلما طال عمر الخشب، زادت قيمته". هذه الحقيقة لا تعكس فقط تقاليد قديمة، بل تؤكدها دراسات علمية حديثة. فخلال عملية التخزين الطويل، يخضع الخشب لسلسلة من التحولات الكيميائية المعقدة التي تعزز تركيز الزيوت العطرية وتنقي رائحته لتصل إلى ذروة النقاء. أظهرت أبحاث أجرتها جامعة كيوتو اليابانية أن مركبات السيسكويتربين الموجودة في العود تتفاعل مع الأكسجين ببطء على مدى عقود، مما ينتج عنه عطور أكثر عمقاً وثراءً. كما لاحظ صانعو العطور في غوا الهندية أن قطع العود المخزنة منذ 50 عاماً تفوقت بنسبة 40% في قوة الرائحة مقارنة بالقطع الحديثة.

العوامل البيئية ودورها في نضج العود

تلعب ظروف التخزين دوراً محورياً في تحديد جودة العود مع مرور الزمن. فالرطوبة النسبية المثالية التي تتراوح بين 60-70% تساعد على تفعيل الإنزيمات الطبيعية داخل الخشب دون التسبب في التعفن. دراسات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تشير إلى أن العود المخزن في كهوف طبيعية بمنطقة عسير السعودية يحتفظ بخصائصه لمدة تصل إلى قرن من الزمان. من ناحية أخرى، يعتبر التخزين في أوعية خشبية من الساج وسيلة تقليدية مثبتة. فقد اكتشف باحثون في متحف اللوفر أن هذه الطريقة تسمح بتبادل غازي مثالي، حيث تمنع التكثف مع الحفاظ على درجة حرارة ثابتة حول 25°مئوية، وهو ما يساهم في استقرار المركبات العطرية.

القيمة الاقتصادية للعود المُخزن

تشهد أسواق المزادات العالمية تفاوتاً كبيراً في أسعار العود بناءً على عمر التخزين. ففي مزاد سوثبي 2023، بيعت قطعة عود عمرها 80 عاماً من أصل فيتنامي بمبلغ 1.2 مليون دولار، بينما لم تتجاوز القطع الحديثة 200 ألف دولار. هذا التفاوت يعكس إدراك الجمهور لفكرة أن كل عقد زمني يضيف طبقة جديدة من التعقيد العطري. الجدير بالذكر أن جمعيات تجار العود في الإمارات وضعت معايير تصنيف جديدة تعتمد على سنوات التخزين، حيث تحصل القطع التي تتجاوز 30 عاماً على تصنيف "ممتازة" تلقائياً. هذه الخطوة عززت ثقة المستهلكين وأدت إلى زيادة الطلب بنسبة 35% على القطع القديمة خلال العام الماضي وحده.