هل عقد خشب العود بسعر 200 جنيه حقيقي؟ في ظل انتشار إعلانات عقد خشب العود بأسعار مغرية مثل 200 جنيه، يتساءل الكثيرون عن مدى مصداقية هذه العروض. خشب العود، المعروف برائحته الفاخرة واستخداماته الروحية، يُعد من أغلى المواد الطبيعية بسبب ندرته وتعقيد استخراجه. فهل يمكن أن يكون المنتج المُباع بهذا السعر الزهيد أصليًا؟

مصادر خشب العود وتأثيرها على السعر

ينتج خشب العود من أشجار "الأكويلاريا" التي تفرز راتينجًا عطريًا عند إصابتها بفطريات معينة. تستغرق هذه العملية عقودًا، مما يرفع تكلفة الإنتاج. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية (2022)، فإن دولًا مثل إندونيسيا وماليزيا تشكل المصادر الرئيسية، حيث يصل سعر الكيلوغرام الأصلي إلى آلاف الدولارات. هذا التفاوت الهائل في التكلفة يجعل منتجات العود بأسعار منخفضة مثيرة للشك. فلو افترضنا أن العقد يحتوي على 10 جرامات من الخشب، فإن سعره الحقيقي يجب أن يبدأ من 50 دولارًا على الأقل. وبالتالي، فإن عروض الـ200 جنيه تشير غالبًا إلى استخدام مواد بديلة أو مُعالَجة كيميائيًا.

علامات التمييز بين الأصلي والمزيف

أولى العلامات الفارقة هي الرائحة. يشير الخبير العطري د. خالد حسن إلى أن العود الأصلي يتميز برائحة عميقة تدوم لساعات، بينما المزيف تفوح منه روائح كحولية أو تنتهي بسرعة. كذلك، يمكن اختبار الكثافة: خشب العود الحقيقي أثقل من معظم الأخشاب بسبب تشبعه بالراتينج. من الناحية البصرية، يتميز الخشب الأصلي بتشكيلات عضوية غير منتظمة وعروق داكنة متشابكة، بينما تُظهر المنتجات المقلدة أنماطًا صناعية أو ألوانًا موحدة. كما ينصح مركز حماية المستهلك في دبي (2023) بطلب شهادات التحليل الكيميائي التي تثبت نسبة الراتينج العطري.

السياق الاقتصادي لتسعير المنتجات

تخضع أسعار العود إلى عوامل مثل عمر الشجرة وتركيز الراتينج والمنطقة الجغرافية. على سبيل المثال، خشب "كينام" من كمبوديا يصل سعره إلى 30 ألف دولار للكيلوغرام بسبب نقاء راتينجه. في المقابل، تستخدم بعض الشركات تقنيات التقطير السريع أو خلط العود بمواد رابطة لتخفيض التكاليف. تشير دراسة أجرتها جامعة الأزهر (2021) إلى أن 78% من العينات المُباعة بأقل من 500 جنيه في السوق المصري تحتوي على أقل من 10% من العود الطبيعي. وهذا يعزز فرضية أن المنتجات منخفضة السعر تعتمد على المحاكاة عبر الزيوت الصناعية أو نشارة الخشب المعالجة. في الختام، يُنصح الباحثون عن الجودة الحقيقية بعدم الانجرار وراء العروض الاستثنائية، واللجوء إلى متاجر مرخصة توفر وثائق ضمان. ففي عالم العود، السعر المنخفض غالبًا ما يكون إنذارًا بالافتقار إلى الأصالة.