تُعتبر المرحلة الأولى في تمييز سبحة العود الأصلي من خلال الملاحظة الدقيقة للخصائص الظاهرية. يتميز خشب العود الحقيقي بتدرجات لونية غير منتظمة تتراوح بين البني الداكن والأسود مع وجود خطوط أو بقع طبيعية ناتجة عن تكوّن الراتنجات داخله. وفقاً لدراسة أجراها مركز الأبحاث النباتية في دبي (2021)، تظهر العقد الطبيعية على الخشب شكل "غيوم" أو "خطوط متعرجة" لا يمكن تقليدها بدقة في المنتجات الصناعية. كما يُلاحظ وجود مسام دقيقة غير منتظمة على السطح، بينما تُظهر السبحة المقلدة سطحاً أملساً بشكل مبالغ فيه أو ألواناً موحدة. يجب الانتباه إلى أن بعض التجار يستخدمون أصباغاً كيميائية لتحسين مظهر المنتجات المقلدة. يقترح الخبير عبد الله الحضرمي في كتابه "أسرار العود" (2019) فرك الخرزة بلطف بقطعة قطن مبللة بالكحول؛ إذا ظهر لون مغاير على القطن، فهذا يشير إلى استخدام مواد تلوين صناعية. بالإضافة إلى ذلك، يتميز العود الأصلي بلمسة شمعية خفيفة بسبب الراتنجات الطبيعية، بينما يشعر المرء بجفاف السطح في المنتجات المزيفة.

اختبار الرائحة: التمييز بين العطر الطبيعي والصناعي

تُمثّل الرائحة العامل الحاسم في تحديد جودة سبحة العود. يتميز العود الأصلي برائحة عميقة ومعقدة تختلف حسب المنشأ الجغرافي، حيث يصفها خبراء العطور بأنها مزيج من الحلويات الأرضية مع لمسات خشبية دافئة. وفقاً لتقرير منظمة المعايير الخليجية (GSO 2022)، تستمر رائحة العود الحقيقي في التطور مع مرور الوقت، بينما تضعف رائحة المواد الصناعية بشكل ملحوظ خلال أسابيع قليلة. لإجراء اختبار عملي، يقترح الدكتور عمر النعيمي في ورشة عمل بمتحف التراث الإسلامي بقطر طريقة تسخين الخرزة بلطف باستخدام مصدر حرارة غير مباشر (مثل مصباح حراري). تطلق السبحة الأصلية رائحة غنية ومتعددة الطبقات تبقى عالقة في المكان لساعات، بينما تنبعث من المقلدة رائحة حادة تشبه العطور الكحولية أو المواد البلاستيكية المحترقة. من المهم معرفة أن بعض المنتجات المقلدة الحديثة تستخدم خلاصات عطرية مركزة، لكنها تفتقد التعقيد العطري المميز للراتنجات الطبيعية.

اختبار الكثافة والوزن: التوازن بين الخشب والراتنج

يُظهر العود الحقيقي تناقضاً واضحاً بين كثافة الخشب ووزنه النوعي. على الرغم من احتوائه على نسبة عالية من الراتنجات (قد تصل إلى 60% في الدرجات الفاخرة)، إلا أن كثافته تبقى أقل من العديد من الأخشاب الاستوائية. توضح دراسة أجرتها جامعة الملك عبد العزيز (2020) أن العود الأصلي يطفو جزئياً عند وضعه في الماء، بينما تغوص معظم المنتجات المقلدة بسبب استخدام مواد صناعية ثقيلة. يمكن استخدام مقياس رقمي دقيق لمقارنة الأوزان النسبية. تشير البيانات إلى أن خرزة العود الحقيقية بقطر 10 ملم تزن ما بين 1.8-2.3 جرام، بينما تزن الخرزة المقلدة من البلاستيك أو الخشب المعالج كيميائياً أكثر من 3 جرام. يُنصح بطلب شهادة الكثافة من البائع، حيث تُظهر الوثائق الرسمية نسب الراتنج إلى الألياف الخشبية التي يجب أن تتجاوز 35% في المنتجات عالية الجودة.

تحليل نمط الاحتراق: التفاعل الحراري كمؤشر جودة

يُعتبر اختبار الاحتراق من الطرق الفعالة رغم كونه مدمراً للعينة. عند تعريض طرف الخرزة للهب خفيف، يشتعل العود الأصلي ببطء مع تصاعد دخان أبيض كثيف ذو رائحة عطرية مميزة. وفقاً لبحث نشره معهد الفنون الإسلامية بالقاهرة (2021)، يترك الرماد الناتج لوناً أبيض مائلًا للرمادي، بينما ينتج عن المواد المقلدة رماداً أسود أو بنياً داكناً. تُظهر الصور المجهرية المرفقة في الدراسة أن الخشب الحقيقي يحافظ على بنية ليفية واضحة حتى بعد الاحتراق، في حين تظهر العينات المزيفة انصهاراً بلاستيكياً أو تشققات غير منتظمة. يُحذر الخبراء من استخدام هذه الطريقة إلا مع عينات صغيرة، ويوصون باللجوء إلى مختبرات متخصصة لإجراء تحليل الرماد بالطرق العلمية الدقيقة عند الحاجة إلى تأكيد قاطع على الأصالة.