أهمية المنشأ الجغرافي في تحديد جودة العود

يعتبر المنشأ الجغرافي من العوامل الحاسمة في تصنيف أفضل أنواع العود عالمياً. تتميز دول مثل كمبوديا وفيتنام وإندونيسيا بتربة غنية ومناخ استوائي مثالي لزراعة أشجار العود، مما يمنح خشبها كثافة عطرية فريدة. وفقاً لدراسات أجراها معهد العطور في دبي، فإن عود كمبوديا يحتل المرتبة الأولى بسبب تركيز الزيوت العطرية الذي يتجاوز 40%، وهي نسبة نادرة مقارنة بالمناطق الأخرى. من ناحية أخرى، يشير الخبير الاقتصادي أحمد السيد إلى أن المنافسة بين الدول المنتجة للعود أدت إلى تحسين تقنيات الاستخراج، حيث تستخدم فيتنام طرقاً تقليدية تعتمد على التخمير الطبيعي لفترات طويلة، مما يزيد من تعقيد الرائحة. بينما تعتمد إندونيسيا على تقنيات حديثة تخفض التكاليف ولكنها تقلل من الجودة، مما يؤثر على ترتيبها في القائمة العالمية.

دور التاريخ والثقافة في قيمة العود

للعود مكانة عميقة في التراث العربي والآسيوي، مما يرفع قيمته المادية والمعنوية. في المملكة العربية السعودية، يُعتبر العود اليمني رمزاً للكرم، حيث كان يُقدم كهدية للملوك منذ القرن السابع الميلادي. تؤكد مخطوطات تاريخية في متحف اللوفر باريس أن تجارة العود شكّلت جسراً ثقافياً بين حضارات الشرق والغرب، مما جعلها سلعة استراتيجية. في السياق الحديث، أظهر استطلاع أجرته مجلة "روائح الشرق" أن 68% من المشترين في دول الخليج يفضلون العود ذا الخلفية التاريخية، حتى لو كان سعره أعلى. وهذا يفسر سبب احتلال أنواع مثل العود الهندي والفارسي مراكز متقدمة في التصنيف، رغم انخفاض جودتها أحياناً مقارنة بالأنواع الأفريقية الأحدث.

تأثير ندرة الأنواع على الأسعار والطلب

ترتبط ندرة بعض أنواع العود بشكل مباشر بمواقعها في القائمة العالمية. على سبيل المثال، يعتبر "العود الأسود" من غابات بورنيو المطيرة من أندر الأنواع بسبب انقراض 90% من أشجاره الطبيعية حسب تقرير منظمة WWF لعام 2023. هذه الندرة ترفع سعره إلى أكثر من 75 ألف دولار للكيلوغرام، مما يجعله في المرتبة الثالثة عالمياً. في المقابل، تشهد أنواع مثل العود الماليزي زيادة في الإنتاج بنسبة 15% سنوياً بفضل الزراعة المستدامة، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الماليزية. لكن الكميات الكبيرة تخفض من قيمته التسويقية، رغم تطابقه في الجودة مع أنواع تحتل مراكز أعلى. هذه المفارقة تبرز كيف يمكن لاستراتيجيات الإنتاج أن تغير الموازين الاقتصادية للسلعة ذاتها.