المعرض الدولي للعود والعطور في الشرق الأوسط: بوابة ثقافية واقتصادية
chenxiang
3
2025-07-29 07:21:10

المعرض الدولي للعود والعطور في الشرق الأوسط: بوابة ثقافية واقتصادية
يشكّل المعرض الدولي للعود والعطور في الشرق الأوسط منصةً فريدةً تجمع بين الأصالة والحداثة، حيث يُبرز تراث المنطقة العريق في تجارة العود الذي يعود إلى قرون. تُعتبر دول الخليج العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات، مراكز رئيسية لهذه التجارة بسبب موقعها الجغرافي الذي يربط بين آسيا وأفريقيا. تشير الدراسات التاريخية إلى أن طرق القوافل القديمة ساهمت في انتشار العود كسلعة ثمينة، مما عزّز مكانته كرمز للرفاهية. اليوم، يحافظ المعرض على هذا الإرث من خلال عرض أنواع نادرة من العود مثل "الكمبودي" و"الفيتنامي"، والتي تُقيّم بناءً على كثافة رائحتها وعمر الأشجار.
كما يُبرز المعرض الدور الثقافي للعود في المجتمعات العربية، حيث يرتبط استخدامه بالمناسبات الدينية والاجتماعية. وفقًا لبحث أجرته جامعة الملك سعود، فإن 78% من المشاركين في استطلاع رأي يرون أن العود جزء لا يتجزأ من الهوية المحلية. تُقام ضمن فعاليات المعرض ورش عمل تُعلّم الزوار كيفية تمييز الجودة بين أنواع العود، مما يعزّف الوعي بأهمية الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية.
الأبعاد الاقتصادية لصناعة العود في السوق العالمية
تشهد صناعة العود نموًا ملحوظًا في العقد الأخير، حيث تُقدّر قيمتها السوقية بنحو 12 مليار دولار بحسب تقرير "فورتشن بيزنس إنسايتس" لعام 2023. يُساهم المعرض في تعزيز هذا النمو عبر جذب المستثمرين الدوليين، حيث تشكل الصادرات الخليجية 40% من الإمدادات العالمية. تُظهر البيانات أن الإمارات العربية المتحدة وحدها تصدر سنويًا عطورًا بقيمة 600 مليون دولار تحتوي على خلاصات العود.
من الجدير بالذكر أن التكنولوجيا الحديثة أحدثت تحولًا في القطاع، حيث بدأت شركات مثل "العود الأزرق" استخدام تقنيات الاستخلاص بالثاني أكسيد الكربون للحفاظ على نقاء الرائحة. ومع ذلك، يحذّر خبراء الاقتصاد من التحديات البيئية، إذ تشير منظمة "غرين بيس" إلى أن 15% من أشجار العود البرية مهددة بالانقراض بسبب الاستغلال المفرط، مما يستدعي تطوير مزارع مستدامة كتلك التي أطلقتها عُمان عام 2022.
التقنيات الحديثة في تحليل جودة العود
أدخل المعرض هذا العام تقنيات ثورية في فحص العود، مثل المطياف الكتلي الذي يكشف عن المركبات العضوية المتطايرة بدقة تصل إلى 99.7%. تُستخدم هذه الأجهزة، المطورة بالشراكة مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لاكتشاف الغش التجاري عبر تحديد نسب المواد الصناعية. وقد أظهرت عينات تم فحصها خلال الفعاليات أن 20% من المنتجات تحوي إضافات غير مصرح بها، مما دفع المنظمين إلى إصدار شهادات ضمان الجودة الإلزامية.
كما تُقدّم شركات ناشئة مثل "أريج" حلولاً ذكيةً لتتبع مصادر العود عبر تقنية البلوكتشين، حيث يُسجل كل قطعة برمز رقمي يوثّق مكان قطافها وتاريخ معالجتها. هذا الابتكار يحظى بدعم من الهيئة السعودية للمواصفات، التي أعلنت عن خطة لرقمنة 70% من سلسلة التوريد بحلول 2025، مما يعزز الشفافية في سوق كانت تعتمد تقليديًا على الخبرة الحسية للتجار.
التأثير الاجتماعي للمعرض على الأجيال الشابة
يحفّز المعرض الشباب العربي على دخول هذا المجال عبر برامج "الملتقى المهني" التي توفر فرص تدريب في فنون تركيب العطور وإدارة المشاريع. تشير إحصاءات اللجنة المنظمة إلى أن 35% من المشاركين في دورات عام 2023 كانوا تحت سن الثلاثين، مما يعكس تحولاً جيليًا في مهنة كانت حكرًا على كبار الخبراء.
كما يُبرز المعرض إبداعات الشباب عبر مسابقة "عبق المستقبل" التي تمنح جوائز لأفضل التركيبات العطرية المبتكرة. الفائزة العام الماضي، شيخة القاسمي، قدمت مزيجًا يجمع بين عود "آسام" وزهور اللوتس، محققةً مبيعات تجاوزت مليون دولار خلال ستة أشهر. هذه النجاحات تدعم رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد عبر الصناعات الإبداعية المرتبطة بالتراث.