تاريخ عود دبي العائد: جذور تمتد عبر القرون
chenxiang
4
2025-07-25 15:30:50

تعتبر تجارة العود في دبي جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المنطقة منذ قرون، حيث كانت المدينة مركزًا حيويًا لطرق التجارة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. تشير المخطوطات القديمة إلى أن تجار دبي استوردوا أفضل أنواع خشب العود من جنوب شرق آسيا منذ القرن التاسع الميلادي، مستفيدين من موقعهم الجغرافي الاستراتيجي. بحلول القرن الخامس عشر، أصبحت دبي سوقًا رئيسيًا لتكرير العود وتوزيعه، حيث طور الحرفيون المحليون تقنيات متقدمة لمعالجة الخشب العطري.
أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة في مناطق مثل جميرا وجود أواني فخارية تعود للعصر العباسي تحتوي على بقايا عود متفحم، مما يؤكد الاستخدام المبكر للعود في الحياة اليومية والطقوس الدينية. يقول الدكتور خالد العبري، مؤلف كتاب "عطور الشرق": "لم تكن دبي مجرد محطة تجارية، بل مركزًا ثقافيًا حوّل العود من سلعة إلى رمز للهوية العربية".
الاقتصاد العطري: كيف يعيد العود تشكيل مستقبل دبي
تشير بيانات غرفة تجارة دبي إلى أن سوق العود يساهم بأكثر من 1.2 مليار درهم سنويًا في الاقتصاد المحلي، مع نمو سنوي يقارب 7% منذ 2018. يعتمد هذا النمو على استراتيجية ثلاثية الأبعاد: تطوير تقنيات التقطير الحديثة، وتوسيع شبكة التوزيع العالمية، ودمج العود في صناعة السياحة الفاخرة.
أطلقت دبي عام 2022 "مختبر العود الذكي" الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل جودة العود خلال 30 دقيقة بدلًا من 3 أيام تقليديًا. كما أنشأت منطقة جبل علي حرة مخصصة لصناعة العطور الفاخرة، جذبت شركات عالمية مثل Armani وAmouage. يقول الاقتصادي محمد القاسمي: "العود لم يعد مجرد عطر، إنه جزء من رؤية 2031 لتنويع الاقتصاد".
من الخشب إلى العطر: إعادة اكتشاف الحرفية التقليدية
تحافظ دبي على حرفية تقطير العود من خلال برامج تدريبية متخصصة في معهد دبي للتصميم والابتكار. تدمج هذه البرامج بين الطرق التقليدية كالتنقيط البطيء (الذي يستغرق 40 يومًا) وتقنيات مثل الاستخلاص بثاني أكسيد الكربون فوق الحرج.
الجدير بالذكر أن "عود دبي المميز" حصل على تصنيف جغرافي محمي عام 2021، مما يضمن جودته الفريدة التي تعتمد على خلطة سرية من الأعشاب الصحراوية. تظهر دراسات جامعة زايد أن 68% من الحرفيين العاملين في هذه الصناعة هم من الشباب الإماراتي، مما يعكس نجاح سياسات الحفاظ على التراث مع مواكبة العصر.
العبور الثقافي: عندما يلتقي الشرق بالغرب في قارورة عطر
أصبح عود دبي جسرًا ثقافيًا في عالم العطور العالمية، حيث تتعاون دار "الخان" الإماراتية مع عطور فرنسية مثل Maison Francis Kurkdjian لإنتاج خلطات تجمع بين عمق العود الشرقي وأناقة العطور الباريسية. هذا التمازج الثقافي يظهر جليًا في إحصائية 2023 التي تفيد بأن 40% من مشتري عود دبي الفاخر هم من الأوروبيين.
من ناحية أخرى، أدرجت اليونسكو عام 2022 طقوس تبادل العود في المناسبات الاجتماعية الإماراتية ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي. يلاحظ الأنثروبولوجي د. فهد المنصوري أن "عود دبي أصبح لغة عالمية للتكريم، حيث يستخدم في القمم السياسية كهدية دبلوماسية تعبّر عن الاحترام المتبادل بين الحضارات".