تاريخ العطور في دبي وارتباطها بالتراث العربي
chenxiang
4
2025-07-22 14:37:32

تاريخ العطور في دبي وارتباطها بالتراث العربي
تعتبر متاحف العطور في دبي بوابة للتعرف على عمق الارتباط بين الثقافة العربية والعطور منذ آلاف السنين. وفقاً لدراسات الأنثروبولوجيا الثقافية، استخدم العرب العطور كجزء من الطقوس اليومية والدينية منذ العصر الجاهلي، حيث كانت تُستخلص من مواد طبيعية مثل الورد والعود واللبان. يوضح المتحف كيف تحولت هذه الممارسات إلى صناعة مزدهرة تدعمها طرق التجارة القديمة مثل طريق البخور، الذي ربط شبه الجزيرة العربية بآسيا وأفريقيا.
يشير الدكتور خالد الحمادي، أستاذ التاريخ الإسلامي، إلى أن دبي لعبت دوراً محورياً في تطوير تجارة العطور عبر القرون بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي. يعرض المتحف مخطوطات تاريخية تعود للقرن التاسع الميلادي تشرح طرق التقطير التقليدية، إلى جانب أدوات صناعة العطور التي اكتشفها علماء الآثار في مواقع مثل ساروق الحديد. هذه الشواهد المادية تؤكد استمرارية التقاليد العطرية كجزء من الهوية الإقليمية.
التقنيات الحديثة في صناعة العطور: الجمع بين الأصالة والابتكار
يبرز المتحف التطور التكنولوجي الذي غير وجه صناعة العطور العربية دون التخلي عن الجذور التقليدية. تعتمد المختبرات الحديثة في دبي على تقنيات مثل الاستخلاص بثاني أكسيد الكربون فوق الحرجة، والتي تسمح باستخراج الروائح بدقة أعلى بنسبة 40% مقارنة بالطرق التقليدية، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس العطور العالمي (2023). مع ذلك، يحافظ الصناع على استخدام المكونات الأساسية مثل ماء الورد الجوري من القصيم والعود الفيتنامي المزروع في مزارع إماراتية.
تتعاون المؤسسات مع جامعات محلية مثل جامعة خليفة لتطوير عطور ذكية قادرة على تغيير رائحتها حسب درجة الحرارة أو الحالة المزاجية. هذه الابتكارات تواكب رؤية دبي 2031 في دمج التراث مع المستقبل، مع الحفاظ على مكانة الإمارات كأكبر مصدر للعطور الفاخرة في المنطقة بنسبة 35% من السوق العالمي وفق إحصاءات غرفة تجارة دبي.
العطور كجسر ثقافي: الحوار بين الحضارات عبر الروائح
يقدم المتحف رؤية فريدة لدور العطور في الحوار بين الثقافات من خلال معرض تفاعلي يربط بين الروائح العربية والتركية والفرنسية. تحليل علم الاجتماع الحسي يظهر أن 68% من الزوار الأجانب يغيرون تصوراتهم عن الثقافة العربية بعد تجربة العروض المتعددة الحواس، وفق دراسة أجرتها جامعة السوربون أبوظبي (2022). يعكس هذا الأثر الدور التاريخي للعطور كلغة عالمية، كما يتجلى في قوافل التجارة التي نقلت عطور عمان إلى بلاط الإمبراطوريات الرومانية.
يخصص المتحف مساحة للتعاونات المعاصرة، مثل مجموعة العطور التي صممها خبراء إماراتيون بالشراكة مع بيوت أزياء إيطالية، مستوحاة من قصص السندباد البحري. هذه المشاريع تترجم فلسفة الشيخ محمد بن راشد في "بناء جسور الحضارات"، حيث أصبحت العطور وسيلة غير لفظية لفهم التشابكات الثقافية بين الشرق والغرب.