الدور الثقافي للتبغ في المجتمعات العربية
chenxiang
4
2025-07-22 14:37:25

الدور الثقافي للتبغ في المجتمعات العربية
يُعتبر تدخين السجائر في الشرق الأوسط أكثر من مجرد عادة يومية؛ فهو جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي. ففي المجالس التقليدية، يُقدَّم التبغ كرمز للضيافة والترابط، حيث يُشارك الأفراد السجائر أو الأرجيلة كطريقة لتعزيز الروابط الإنسانية. تشير دراسة أجراها الباحث علي حسن (2021) إلى أن 67% من المشاركين في دول الخليج يرون أن مشاركة التدخين تعكس الاحترام المتبادل.
مع ذلك، تختلف التصورات بين الأجيال. ففي حين يربط كبار السن التبغ بالتقاليد، يرى الشباب فيه أحيانًا تمردًا على القيود الاجتماعية أو تعبيرًا عن الهوية الحديثة. هذا الانقسام يُظهر كيف تحوَّل دور التبغ من ممارسة جماعية إلى أداة للتعبير الفردي في بعض السياقات الحضرية.
التأثير الاقتصادي لصناعة السجائر
تُشكِّل صناعة التبغ ركيزة اقتصادية في دول مثل لبنان ومصر، حيث تُساهم بأكثر من 1.2 مليار دولار سنويًّا في الناتج المحلي وفقًا لتقرير البنك الدولي (2023). وتوفِّر هذه الصناعة فرص عمل مباشرة لنحو 300 ألف شخص في المنطقة، خاصة في مناطق الزراعة مثل محافظة الدقهلية المصرية التي تُنتج 40% من تبغ البلاد.
لكنَّ الاعتماد الاقتصادي يُثير تحديات صحية. فالحكومات توازن بين فرض ضرائب مرتفعة للحد من الاستهلاك (كما فعلت السعودية برفع السعر 200% منذ 2016)، وخفضها للحفاظ على مبيعات الشركات المحلية. هذه المعادلة الصعبة تُبرز تناقضًا بين الربح المالي والصحة العامة.
المخاطر الصحية والجهود الوقائية
تُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن معدلات التدخين في المنطقة العربية تصل إلى 35% بين الرجال، مع ارتفاع ملحوظ بين النساء ليصل إلى 8% في العقد الأخير. ويرتبط هذا بزيادة أمراض السرطان بنسبة 22% منذ 2010 وفقًا لتقرير جامعة الإمارات (2022).
لكنَّ الحملات التوعوية بدأت تُثمر. فبرامج مثل "أقلعها" في قطر و"صحتك أولاً" في الأردن ساعدت في خفض معدلات التدخين بين الشباب بنسبة 18% خلال خمس سنوات. كما أن انتشار السجائر الإلكترونية – رغم الجدل حولها – يُعتبر مؤشرًا على تحوُّل نحو بدائل يُعتقد أنها أقل ضررًا.
التبغ في الميزان الديني
أثار التدخين جدلًا فقهيًّا واسعًا. بينما يرى علماء مثل محمد الغزالي أنه "مكروه" لكن غير محرّم، أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية عام 2000 فتوى تُحرمه بسبب أضراره المؤكدة. هذا الانقسام الديني يعكس صراعًا بين تفسير النصوص وتطور الأدلة الطبية.
في المقابل، تُظهر ممارسات مثل الامتناع عن التدخين خلال رمضان كيف يمكن للبعد الروحي أن يُشكّل سلوكيات المجتمع. فقد كشفت دراسة نادرة الباز (2020) أن 43% من المدخنين في المغرب العربي يُقلعون مؤقتًا خلال الشهر الكريم، مما يُظهر تفاعلًا بين العادات الدينية والصحية.