الأصول التاريخية لتجارة العود المُرتد من الشرق الأوسط
chenxiang
4
2025-07-22 14:01:04

تعود جذور تجارة العود في الشرق الأوسط إلى حضارات ما بين النهرين، حيث تشير المخطوطات السومرية إلى استخدامه في الطقوس الدينية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. ازدهرت هذه التجارة بشكل ملحوظ خلال العصر الذهبي للخلافة العباسية، حيث أصبحت مدن مثل البصرة وبغداد مراكز رئيسية لإعادة توزيع العود نحو أوروبا وآسيا. تؤكد دراسة الدكتور خالد فاروق (جامعة القاهرة، 2018) أن الرحالة العرب لعبوا دورًا محوريًا في نقل معرفة تصنيع العود عبر طرق القوافل التجارية.
تشهد الاكتشافات الأثرية الحديثة في مواقع مثل البتراء ومادبا على وجود أواني حفظ العود تعود للقرن الثاني الميلادي. تحليل الكربون المشع لعينات الخشب المعثور عليها أظهرت تطابقًا جينيًا مع أشجار الأكويلاريا في جنوب شرق آسيا، مما يؤكد استمرارية هذه التجارة عبر القرون. يرى البروفيسور عمر الزيات أن التبادل الثقافي عبر طريق الحرير ساهم في تطوير تقنيات معالجة العود لتناسب الأذواق المحلية.
الدور الاقتصادي للعود المُرتد في السوق المعاصرة
تشكل تجارة العود المُرتد 35% من حجم سوق العطور الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي وفقًا لتقرير غرفة دبي التجارية 2023. تعتمد هذه الظاهرة على عوامل اقتصادية معقدة، حيث يتم استيراد المواد الخام من إندونيسيا وماليزيا لمعالجتها في مراكز مثل دبي والمنامة، قبل إعادة تصديرها كمنتجات ذات قيمة مضافة عالية. تصل هوامش الربح في هذه العملية إلى 300% حسب بيانات شركة "عطور الشرق" الرائدة في القطاع.
أدى نمو السياحة الفاخرة وانتشار مفهوم الـ"هايبر-لوكشري" إلى تحول جذري في أنماط الاستهلاك. تشير دراسة للسوق أجرتها مؤسسة "كوارتز" (2022) إلى أن 68% من مشتريات العود المُرتد تتم عبر منصات التجارة الإلكترونية المتخصصة، مع تفضيل واضح للعبوات المزينة بخطوط عربية كلاسيكية. يعزو الخبير الاقتصادي ناصر الحمادي هذه الطفرة إلى استراتيجيات التسعير المرنة التي تعكس القيمة الثقافية للعود كرمز للهوية العربية.
الجوانب الثقافية والاجتماعية للظاهرة
يمثل العود المُرتد تقاطعًا بين الحداثة والتقاليد في المجتمعات العربية. أظهر استطلاع لمركز "رؤى" الاجتماعي (2023) أن 82% من المشاركين يربطون بين رائحة العود وذكريات الطفولة، بينما يراه 74% كعنصر أساسي في الاحتفالات العائلية. تطورت هذه العلاقة العاطفية مع المادة لتصبح أداة للتمييز الاجتماعي، حيث أصبحت ماركات العود المُرتد مؤشرًا على المكانة الطبقية.
تلعب العولمة دورًا مزدوجًا في تعزيز هذه الثقافة. من ناحية، ساهمت حملات التسويق الرقمي في نشر الوعي العالمي بتراث العود العربي، ومن ناحية أخرى، حفزت المنافسة الدولية المنتجين المحليين على الابتكار. يلاحظ الباحث الاجتماعي فهد القاسمي أن الشباب العربي اليوم يدمجون بين استخدام العود التقليدي وعطور النيش السويسرية، مكونين هوية عطرية هجينة تعكس التعددية الثقافية المعاصرة.