تاريخ استخدام العود في الشرق الأوسط
chenxiang
10
2025-07-17 08:35:37

تاريخ استخدام العود في الشرق الأوسط
عُرف الشرق الأوسط منذ القدم بتجارة العود والبخور، لكنّ المصادر التاريخية تشير إلى أن المنطقة لم تكن مصدرًا رئيسيًا لإنتاج العود نفسه. فبحسب كتاب "تاريخ تجارة البخور" لعالم الأنثروبولوجيا عبد الرحمن الخليلي، كانت المنطقة تعتمد على استيراد العود من جنوب آسيا وجنوب شرقها عبر طرق التجارة القديمة مثل طريق اللبان. ومع ذلك، وردت إشارات في المخطوطات العربية القديمة، مثل كتاب "الصيدنة في الطب" لابن البيطار، إلى وجود أشجار محلية تُنتج رائحة شبيهة بالعود، لكنها تختلف في التركيب الكيميائي عن أنواع العود الآسيوي الشهير.
لا يمكن إنكار أن بعض المناطق الجبلية في اليمن وعُمان شهدت محاولات لزراعة أشجار من فصيلة "الأكويلاريا"، إلا أن الظروف المناخية القاسية وقلة الأمطار حدّت من نجاح هذه التجارب. ففي دراسة أجرتها جامعة السلطان قابوس عام 2018، تبيّن أن نسبة الزيوت العطرية في الأشجار المزروعة محليًا لم تتجاوز 3% مقارنة بـ15% في العود الهندي، مما يجعلها غير مجدية تجاريًا.
الخصائص الجيولوجية وتأثيرها على الزراعة
تتطلب أشجار العود تربة حمضية ورطوبة عالية، وهي ظروف نادرة في معظم أراضي الشرق الأوسط الجافة. الدكتور ناصر الحمادي، أستاذ الجيولوجيا البيئية في جامعة الإمارات، يوضح في بحثه المنشور عام 2020 أن التربة الرسوبية في دلتا الأنهار كانت العامل الحاسم في نجاح زراعة العود في دول مثل فيتنام، بينما تهيمن التربة الجيرية والرملية على المنطقة العربية.
من ناحية أخرى، تشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن التغيرات المناخية الأخيرة قد تخلق مناطق صغيرة ملائمة في جنوب السودان وشمال العراق، حيث تزيد معدلات هطول الأمطار. لكن الخبير الزراعي علي الزهراني يحذر في مقابلة مع مجلة "البيئة والتنمية" من أن هذه المناطق تفتقر للبنية التحتية اللازمة لدعم مشاريع زراعية متخصصة تستغرق عقودًا لإنتاج عود ذي جودة.
الدور الثقافي للعود في الهوية العربية
على الرغم من ندرة الإنتاج المحلي، احتفظ العود بمكانة رمزية في الثقافة العربية. الشيخ زايد آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، ذكر في مذكراته أن استخدام العود في المناسبات الرسمية يعكس عمق الارتباط بالتراث. هذا الارتباط دفع دول الخليج إلى استثمار مليارات الدولارات في زراعة أشجار العود بشكل تجريبي، كما في مشروع "روائح الذاكرة" السعودي الذي أطلق عام 2016.
من وجهة نظر أنثروبولوجية، يرى البروفيسور عمر الشرقاوي من جامعة القاهرة أن هوس المجتمعات الخليجية بشراء أفخر أنواع العود الآسيوي يعكس تحولًا من القيمة الاستخدامية إلى القيمة الرمزية، حيث أصبحت قطع العود النادرة مؤشرًا على المكانة الاجتماعية، وفقًا لدراسة ميدانية شملت 500 عينة في دول مجلس التعاون عام 2021.